إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)
____________________________________
[٢] (إِنَّا أَعْطَيْناكَ) يا رسول الله (الْكَوْثَرَ) مشتق من الكثرة ، بمعنى الخير الكثير. قالوا : إن السورة نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وذلك أنه رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخرج من المسجد فالتقيا عند باب بني سهم وتحدث مع الرسول ، وصناديد قريش جالسون ، فلما أن دخل قالوا له مع من كنت تتحدث؟ قال : مع الأبتر ـ يعني الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وقد كانت قريش تسمي من لا ولد له «أبتر» من البتر بمعنى القطع ، كأنه مقطوع ليس له ولد حتى يبقى ذكره ، وقد كان مات «عبد الله» ابن رسول الله من خديجة عليهاالسلام ، فنزلت هذه السورة (١) ، ولذا كان من جملة الأقوال في معنى كوثر أن المراد بها «فاطمة» عليهاالسلام التي سببت كثرة النسل للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحيث إن «الكوثر» بمعنى الخير الكثير ، وهو عام ، كان شاملا للنبوة والعلم ، والنسل ، وحوض الكوثر في الآخرة ، وغيرها من سائر المعاني التي يشملها لفظ «الكوثر» بعمومه.
[٣] (فَصَلِ) يا رسول الله (لِرَبِّكَ) شكرا على هذه النعمة العظمى.
(وَانْحَرْ) الإبل لإطعام الناس ، فإن الله سبحانه يحب إطعام الطعام ، أو المراد ارفع يديك إلى نحرك عند التكبير ـ كما ورد (٢) ـ فإن في ذلك خضوعا لله سبحانه ، يلائم الشكر على نعمته بإعطائه الكوثر.
[٤] (إِنَّ شانِئَكَ) أي مبغضك الذي ينسبك إلى «البتر» (هُوَ الْأَبْتَرُ) المقطوع عن الخير ، الخامل الذكر ، لا أنت كما نسب إليك ـ وهذه السورة على صغرها إحدى معاجز الرسول ، وأدلة معجزية القرآن الحكيم.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٧ ص ٢٠٣.
(٢) راجع من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٣٠٣.