إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣)
____________________________________
[٢] لقد نزلت هذه السورة بعد حجة الوداع حين أخذت القبائل تدخل في الدين أفواجا حيث رأوا سلطان الإسلام يعم الجزيرة ، فلما نزلت قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : نعيت إليّ نفسي (١).
قالوا : وذلك لأنها دلت على تمام مهمة الرسول (إِذا جاءَ) يا رسول الله (نَصْرُ اللهِ) لدينه على سائر الأديان ، وللمسلمين على الكفار (وَالْفَتْحُ) أي جاء فتح مكة ، بأن فتحت عاصمة الوثنية والشرك في الجزيرة ، مما أخضع الجزيرة فتحها.
[٣] (وَرَأَيْتَ) يا رسول الله (النَّاسَ) القبائل وغيرهم (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ) الإسلام (أَفْواجاً) أي فوجا بعد فوج ، وجماعة بعد جماعة.
[٤] (فَسَبِّحْ) يا رسول الله (بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي نزهه عن النقائص بذكر الحمد ، فإن الحمد تنزيه وتحميد ، لأن ذكر الجميل مدح مطابقي وتنزيه التزامي ـ كما سبق ـ ، والتسبيح والتحميد إنما ذلك للشكر على النصر والفتح (وَاسْتَغْفِرْهُ) هضما للنفس ، حتى لا تتعالى وتظن أن النصر إنما هو بالأتعاب ، والرسول وإن كان منزها عن ذلك ، وإنما هو تعليم ، بالإضافة إلى ما تقدم : من أن الأعمال الضرورية المباحة لدى الكاملين العارفين بالله مما يعدونها ابتعادا عن ساحة قربه سبحانه ، فتوجب الاستغفار (إِنَّهُ) سبحانه (كانَ تَوَّاباً) أي كثير الرجوع من «تاب» إذا رجع ، بمعنى أن العبد مهما أذنب ثم تاب تاب الله عليه.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٨ ص ١١٦.