قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٠) وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١)
____________________________________
(قائِمَةً) أي سوف تكون ، فإن الإنسان إذا وجد نعمة بطر ونسي ربه وميعاده ، فلا يشكر ، ولا يصرف النعمة في حقها ، فيعرض ميعاده ، بل يقول إن النعمة لي ، ويصرفها في الشر قائلا ، لا قيامة ، حتى أعمل صالحا بالنعمة ، ثم فوق ذلك يظن أنه مكرم عند الله ـ كما هو تمني الجهّال ـ فيقول (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي) بأن صدق قول الناس المؤمنين بوجود الميعاد (إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) أي المنزلة الحسنى ، وهي الجنة ، فكما أعطاني في الدنيا ، يعطيني في الآخرة ، وهنا يأتي السياق ليبين مصير هذا الإنسان (فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي لنخبرن هؤلاء الكفار (بِما عَمِلُوا) في الدنيا من الكفر والعصيان ، والإخبار إنما هو لأجل التقرير ، وإفضاحهم أمام الملأ العام (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) هو النار والنكال ، لما عملوا من الأعمال السيئة.
[٥٢] (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ) والمراد به الإنسان المنحرف ، كما سبق في الآية السابقة (أَعْرَضَ) عن الله سبحانه (وَنَأى بِجانِبِهِ) أي بعد بجانبه عن الاعتراف بالله وشكره ، تشبيه بالإنسان المعرض عن شيء ، حيث يبعد نفسه منه بعدا حسيا (وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) من مرض وفقر وخوف وما شابه (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) يكثر الإلحاح والطلب منا لرفع ضره ، و «العريض» أبلغ من «الطويل» ، إذ العريض لا يكون إلا طويلا ،