(إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) ، بلاء واختبار وشغل عن الآخرة ، يقع بسببها الإنسان في العظائم ومنع الحق وتناول الحرام ، (وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) ، قال بعضهم : لما ذكر الله العداوة أدخل فيه من للتبعيض ، فقال : إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم لأن كلهم ليسوا بأعداء ، ولم يذكر من في قوله : (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) لأنها لا تخلو عن الفتنة واشتغال القلب. وكان عبد الله بن مسعود يقول : لا يقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنة فإنه ليس منكم أحد يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن ليقل : اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن.
[٢٢١٩] أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك المظفري أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الفضل الفقيه أنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق الفقيه ثنا أحمد بن بكر بن يوسف ثنا علي بن الحسين (١) أنا الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة يقول : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال : «صدق الله (إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما».
(فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، أي أطقتم ، هذه الآية ناسخة لقوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [آل عمران : ١٠٢] (وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) ، الله ورسوله ، (وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) ، أي أنفقوا من أموالكم خيرا لأنفسكم. (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) حتى يعطي حق الله من ماله (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
(إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨))
(إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٨).
__________________
[٢٢١٩] ـ إسناده حسن ، علي بن الحسين بن واقد صدوق ، روى له مسلم في المقدمة ، وأبوه وثقه غير واحد ، وروى له مسلم لكن استنكر أحمد بعض حديثه. فالحديث حسن ، والله أعلم.
ـ أخرجه الترمذي ٣٧٧٤ والحاكم ١ / ٢٨٧ وابن حبان ٦٠٣٩ والبيهقي ٣ / ٢١٨ من طرق عن علي بن الحسين بن واقد به.
ـ وصححه الحاكم على شرط مسلم ، ووافقه الذهبي ، مع أن علي بن الحسين روى له مسلم في المقدمة فقط ، لكنه توبع.
ـ وأخرجه أبو داود ١١٠٩ والنسائي ٣ / ١٠٨ و ١٩٢ وابن ماجه ٣٦٠٠ وابن أبي شيبة ٨ / ٣٦٨ و ١٢ / ٢٩٩ ـ ٣٠٠ وأحمد ٥ / ٣٥٤ وابن خزيمة ١٠٨٢ وابن حبان ٦٠٣٨ والبيهقي ٦ / ١٦٥ من طرق عن الحسين بن واقد.
ـ وانظر «أحكام القرآن» ٢١٣٤ و «الجامع لأحكام القرآن» ٦٠٠٥ و «الكشاف» ١١٩١ بتخريجنا ، والله الموفق.
(١) تصحف في المطبوع «الحسن».