من قول القائل لمن أساء إليه لأعرفن لك ما فعلت ، أي لأجازينك عليه ، وجازاها به عليه بأن طلقها.
[٢٢٤٠] فلما بلغ ذلك عمر قال : لو كان في آل الخطاب خير لما طلقك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاء جبريل وأمره بمراجعتها فاعتزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم نساءه شهرا وقعد في مشربة أم إبراهيم مارية ، حتى نزلت آية التخيير.
[٢٢٤١] وقال مقاتل بن حيان : لم يطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم حفصة وإنما هم بطلاقها فأتاه جبريل عليهالسلام ، وقال : لا تطلقها فإنها صوامة قوامة وإنها من جملة نسائك في الجنة ، فلم يطلقها.
وقرأ : الآخرون (عَرَّفَ) بالتشديد أي عرف حفصة بعد ذلك الحديث ، أي أخبرها ببعض القول الذي كان منها ، (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) ، يعني لم يعرفها إياه ، ولم يخبرها به. قال الحسن : ما استقصى كريم قط ، قال الله تعالى : (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ).
__________________
[٢٢٤٠] ـ لم أقف عليه بهذا السياق. وأخرج أبو يعلى ١٧٢ والبزار ١٥٠٢ و ١٥٠٣ والطبراني في «الكبير» ٢٣ / ١٨٩ والطحاوي في «المشكل» ٤٦١٣ من حديث ابن عمر قال : «دخل عمر على حفصة ، وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك ، لعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم طلقك ، إنه قد كان طلقك مرة ، ثم راجعك من أجلي ، ولله لأن كان طلقك مرة أخرى لا كلمتك أبدا».
ـ وانظر ما بعده.
[٢٢٤١] ـ أصل الحديث صحيح ، لكن قول مقاتل «لم يطلقها» باطل ، لم يتابع عليه.
ـ ذكره المصنف هاهنا عن مقاتل بن حيان معلقا ، وسنده إليه في أول الكتاب ، وهذا واه بمرة ، ليس بشيء ، وقد خولف مقاتل.
ـ فأخرج الحاكم ٤ / ١٥ وابن سعد في «الطبقات» ٨ / ٨٤ والدارمي ٢٢٦٥ والطحاوي في «المشكل» ٤٦١٥ من حديث أنس «أن النبي صلىاللهعليهوسلم طلق حفصة تطليقة ، فأتاه جبريل فقال : يا محمد طلقت حفصة تطليقة ، وهي صوامة قوامة وهي زوجتك في الدنيا وفي الجنة».
ـ وأخرج الطحاوي ١٦١٤ من طريق موسى بن علي عن أبيه عن عقبة بن عامر «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم طلق حفصة ، فأتاه جبريل فقال : راجعها فإنها صوّامة قوّامة».
ـ وأخرج الطبراني ١٧ (٨٠٤) نحوه من حديث عقبة بلفظ «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم طلق حفصة ، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، فوضع التراب على رأسه ، وقال : ما يعبأ الله بك يا ابن الخطاب بعدها ، فنزل جبريل عليهالسلام على النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر».
ـ قال الهيثمي في «المجمع» ٤ / ٣٣٤ : وفيه عمرو بن صالح الحضرمي ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات.
ـ وأخرج الحاكم ٤ / ١٥ (٦٧٥٣) وابن سعد ٨ / ٦٧ والطبراني ١٨ / (٩٣٤) عن قيس بن زيد «أن النبي صلىاللهعليهوسلم طلق حفصة بنت عمر فدخل عليها خالاها قدامة وعثمان ابنا مظعون فبكت وقالت : والله ما طلقني عن شبع ، وجاء النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : قال لي جبريل عليهالسلام : راجع حفصة ، فإنها صوّامة قوامة ، وإنها زوجتك في الجنة».
ـ وسكت عليه الحاكم ، وكذا الذهبي ، وكذا الحافظ في «تخريج الكشاف» ٤ / ٥٦٣ ورجاله ثقات غير قيس بن زيد فهو تابعي صغير مجهول ـ وأن عثمان بن مظعون توفي قبل أحد ، وقبل أن يتزوج النبي صلىاللهعليهوسلم حفصة.
ـ وأخرج أبو داود ٢٢٨٣ والنسائي ٦ / ٢١٣ وابن ماجه ٢٠١٦ والدارمي ٢٢٦٤ وأبو يعلى ١٧٤ والحاكم ٢ / ١٩٧ وابن حبان ٤٢٧٥ والطحاوي في «المشكل» ٤٦١١ والبيهقي ٧ / ٣٢١ ـ ٣٢٢ من طرق عن يحيى بن زكريا عن ابن أبي داود عن صالح بن صالح عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه «أن النبي صلىاللهعليهوسلم طلق حفصة ثم راجعها».
ـ الخلاصة : قول مقاتل «لم يطلقها» باطل ، ليس بشيء ، والصحيح أنه طلقها كما في الروايات المذكورة ، وهو خبر حسن صحيح بطرقه وشواهده لكن بالألفاظ التي أوردتها ، وانظر «أحكام القرآن» ٢١٣٨ بتخريجي.