خالصا صوابا فالخالص إذا كان الله والصواب إذا كان على السنّة. وقال الحسن : أيكم أزهد في الدنيا وأترك لها. وقال الفراء : لم تقع البلوى على أي إلا وبينهما إضمار كما تقول بلوتكم لأنظر أيكم أطوع ومثله (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) [القلم : ٤٠] أي سلهم وانظر أيهم ، ف «أي» رفع على الابتداء وأحسن خبره ، (وَهُوَ الْعَزِيزُ) ، في انتقامه ممن عصاه ، (الْغَفُورُ) ، لمن تاب إليه.
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ (٥) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ (٧) تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨))
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) ، طبقا على طبق بعضها فوق بعض ، (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) ، قرأ حمزة والكسائي من تفوت بتشديد الواو بلا ألف ، وقرأ الآخرون بتخفيف الواو وألف قبلها ، وهما لغتان كالتحمل والتحامل والتظهر والتظاهر ، ومعناه : ما ترى يا ابن آدم في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض ، بل هي مستقيمة مستوية وأصله من الفوت وهو أن يفوت بعضها بعضا لقلة استوائها ، (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) ، كرر النظر ، معناه : انظر ثم ارجع ، (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) ، شقوق وصدوع.
(ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) ، قال ابن عباس مرة بعد مرة ، (يَنْقَلِبْ) ، ينصرف ويرجع (إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً) ، صاغرا ذليلا مبعدا لم ير ما يهوي ، (وَهُوَ حَسِيرٌ) ، كليل منقطع لم يدرك ما طلب. وروي عن كعب أنه قال : السماء الدنيا موج مكفوف ، والثانية مرمرة بيضاء ، والثالثة حديد ، والرابعة صفراء ، وقال نحاس ، والخامسة فضة ، والسادسة ذهب ، والسابعة ياقوتة حمراء ، ومن السماء السابعة إلى الحجب السبعة صحارى [من](١) نور.
(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ) ، أراد الأدنى من الأرض وهي التي يراها الناس. وقوله (بِمَصابِيحَ) أي الكواكب ، واحدها مصباح ، وهو السراج سمي الكوكب مصباحا لإضاءته ، (وَجَعَلْناها رُجُوماً) ، مرامي ، (لِلشَّياطِينِ) ، إذا استرقوا السمع ، (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ) ، في الآخرة ، (عَذابَ السَّعِيرِ) ، النار الموقدة.
(وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً) ، وهو أول نهيق الحمار وذلك أقبح الأصوات ، (وَهِيَ تَفُورُ) ، تغلي بهم كغلي المرجل. وقال مجاهد : تفور بهم كما يفور الماء الكثير بالحب القليل.
__________________
[٢٢٤٧] ـ باطل. أخرجه الطبري ١٨٠٠٣ والحارث بن أبي أسامة كما في «تخريج الكشاف» ٢ / ٣٨٠ من حديث ابن عمر ، وأعله الحافظ ابن حجر بداود بن المحبر ، وقال : داود ساقط ، وذكر الذهبي داود هذا في «الميزان» ٢ / ٢٠ ونقل عن الدارقطني قوله «كتاب العقل» وصنعه ميسرة بن عبد ربه ، ثم سرقه داود ، فركبه على أسانيد ا ه ملخصا ، وهذا الحديث يذكر العقل ، فهو من ذاك الكتاب المصنوع ، وانظر «الكشاف» ٥٢٤ بتخريجي.
(١) زيادة عن المطبوع.