(تَكادُ تَمَيَّزُ) ، تتقطع ، (مِنَ الْغَيْظِ) ، من تغيظها عليهم ، قال ابن قتيبة : تكاد تنشق غيظا على الكفار ، (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ) ، جماعة منهم ، (سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها) ، سؤال توبيخ ، (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ) ، رسول ينذركم.
(قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ (٩) وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (١٠) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ (١١) إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ (١٦))
(قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا) ، للرسل ، (ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ).
(وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ) ، من الرسل ما جاءونا به ، (أَوْ نَعْقِلُ) ، منهم ، وقال ابن عباس : لو كنا نسمع الهدى أو نعقله فنعمل به. (ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) ، قال الزجاج : لو كنا نسمع سمع من يعي ويتفكر أو نعقل عقل من يميز وينظر ما كنا في (١) أهل النار.
(فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً) ، بعدا ، (لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) ، قرأ أبو جعفر والكسائي (فَسُحْقاً) بضم الحاء ، وقرأ الباقون بسكونها ، وهما لغتان مثل الرعب والرعب والسحت والسحت.
(إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١٢) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١٣) ، قال ابن عباس : نزلت في المشركين كانوا ينالون من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيخبره جبريل عليهالسلام بما قالوا ، فقال بعضهم لبعض : أسرّوا قولكم كيلا يسمع إله محمد.
فقال الله جلّ ذكره : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) ، ألا يعلم ما في الصدور من خلقها ، (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) ، لطيف علمه في القلوب الخبير بما فيها من السر والوسوسة. وقيل : (مَنْ) يرجع إلى المخلوق ، أي ألا يعلم الله مخلوقه.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً) ، سهلا لا يمتنع المشي فيها بالحزونة ، (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها) ، قال ابن عباس وقتادة : في جبالها. وقال الضحاك : في آكامها. وقال مجاهد : في طرقها وفجاجها. قال الحسن : في سبلها. وقال الكلبي : في أطرافها. وقال مقاتل : في نواحيها. قال الفراء : في جوانبها.
والأصل في الكلمة الجانب ، ومنه منكب الرجل ، والريح النكباء وتنكب فلان. أي جانب (وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) ، مما خلقه رزقا لكم في الأرض ، (وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) ، أي وإليه تبعثون من قبوركم.
ثم خوّف الكفار فقال : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) ، قال ابن عباس : أي عقاب (٢) من في السماء إن عصيتموه ، (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ) ، قال الحسن : تتحرك بأهلها. وقيل : تهوي بهم ، والمعنى : أن الله تعالى يحرك الأرض عند الخسف بهم حتى تلقيهم إلى أسفل [والأرض](٣) تعلو عليهم وتمر
__________________
(١) في المطبوع «من».
(٢) في المطبوع «عذاب».
(٣) زيادة عن المخطوط.