فوقهم. يقال : مار يمور إذا جاء وذهب.
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧) وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩) أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ إِنِ الْكافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١) أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٢) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (٢٣) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧))
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) ، ريحا ذات حجارة كما فعل بقوم لوط. (فَسَتَعْلَمُونَ) ، في الآخرة وعند الموت ، (كَيْفَ نَذِيرِ) ، أي إنذاري إذا عاينتم العذاب.
(وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، يعني كفار الأمم الماضية ، (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) ، أي إنكاري عليهم بالعذاب.
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ) ، تصف أجنحتها في الهواء ، (وَيَقْبِضْنَ) ، أجنحتهن بعد البسط ، (ما يُمْسِكُهُنَ) ، في حال القبض والبسط أن يسقطن ، (إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ).
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ) ، استفهام إنكار. قال ابن عباس : أي منعة لكم ، (يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ) ، يمنعكم من عذابه ويدفع عنكم ما أراد بكم. (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) ، أي في غرور من الشيطان يغرهم بأن العذاب لا ينزل بهم.
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ) ، أي من الذي يرزقكم المطر إن أمسك الله عنكم ، (بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ) ، تمادوا في الضلال ، (وَنُفُورٍ) ، تباعد من الحق. [وقال مجاهد : كفور].
ثم ضرب مثلا فقال : (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ) ، راكبا رأسه في الضلالة والجهالة أعمى العين والقلب لا يبصر يمينا ولا شمالا وهو الكافر. قال قتادة : أكب على المعاصي في الدنيا فحشره الله على وجهه يوم القيامة ، (أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا) ، معتدلا يبصر الطريق وهو ، (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، وهو المؤمن (١). قال قتادة : يمشي يوم القيامة سويا.
(قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٢٣) ، قال مقاتل : يعني أنهم لا يشكرون رب هذه النعم.
(قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ) ، يعني العذاب في الآخرة على قول أكثر المفسرين. وقال مجاهد : يعني العذاب ببدر ، (زُلْفَةً) ، أي قريبا وهو اسم يوصف به المصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والاثنان والجمع ، (سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، اسودت وعلتها الكآبة ، فالمعنى قبحت وجوههم بالسواد
__________________
(١) في المطبوع «مؤمن».