فقال الله مبينا مجيبا لذلك السائل : (لِلْكافِرينَ) ، وذلك أن أهل مكة لما خوفهم النبي صلىاللهعليهوسلم بالعذاب قال بعضهم لبعض : من أهل هذا العذاب؟ ولمن هو؟ سلوا عنه محمدا فسألوه فأنزل الله : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١) لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) (٢) أي هو للكافرين ، هذا قول الحسن وقتادة. وقيل : الباء صلة ومعنى الآية : دعا داع وسأل سائل عذابا واقعا للكافرين أي على الكافرين ، اللام بمعنى على ، وهو النضر بن الحارث حيث دعا على نفسه وسأل العذاب ، فقال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) [الأنفال : ٣٢] ، الآية ، فنزل به ما سأل يوم بدر فقتل صبرا. وهذا قول ابن عباس ومجاهد. (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) أي للعذاب مانع.
(مِنَ اللهِ) ، أي بعذاب من الله ، (ذِي الْمَعارِجِ) ، قال ابن عباس : أي ذي السموات ، سماها معارج لأن الملائكة تعرج فيها. وقال سعيد بن جبير : ذي الدرجات. وقال قتادة : ذي الفواضل والنعم ، ومعارج الملائكة.
(تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ) ، قرأ الكسائي يعرج بالياء ، وهي قراءة ابن مسعود ، وقرأ الآخرون (تَعْرُجُ) بالتاء ، (وَالرُّوحُ) ، يعني جبريل عليهالسلام ، (إِلَيْهِ) أي إلى الله عزوجل : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) ، من سني (١) الدنيا لو صعد غير الملك من بني آدم من منتهى أمر الله تعالى من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمر الله تعالى من فوق السماء السابعة ، لما صعد في أقل من خمسين ألف سنة والملك يقطع ذلك كله في ساعة واحدة. وروى ليث عن مجاهد أن مقدار هذا خمسين ألف سنة. وقال محمد بن إسحاق : لو سار بنو آدم من الدنيا إلى موضع العرش ساروا خمسين ألف سنة. وقال عكرمة وقتادة : هو يوم القيامة. وقال الحسن أيضا : هو يوم القيامة. وأراد أن موقفهم للحساب حتى يفصل بين الناس خمسون ألف سنة من سني الدنيا ، ليس يعني به أن مقدار طوله هذا دون غيره لأن يوم القيامة له أول وليس له آخر لأنه يوم ممدود ، ولو كان له آخر لكان منقطعا. وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال : هو يوم القيامة يكون على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة.
[٢٢٧٠] أخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي أنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي أنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ ثنا عبد الله بن سعيد ثنا أسد بن موسى ثنا ابن لهيعة عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال : قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) فما أطول
__________________
[٢٢٧٠] ـ حسن بشاهده.
ـ إسناده ضعيف ، ابن لهيعة ودراج ضعيفان ، لكن للحديث شاهد.
ـ ابن لهيعة هو عبد الله ، دراج هو ابن سمعان ، أبو الهيثم هو سليمان بن عمرو.
ـ وهو في «شرح السنة» ٤٢١٣ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه أحمد ٣ / ٧٥ وأبو يعلى ١٣٩٠ من طريق الحسن بن موسى عن ابن لهيعة به.
ـ وأخرجه الطبري ٣٤٨٦٧ وابن حبان ٧٣٣٤ من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن درّاج به ، وقد توبع ابن لهيعة هاهنا فانحصرت العلة في دراج.
ـ وله شاهد من حديث أبي هريرة ، أخرجه ابن حبان ٧٣٣٣ وأبو يعلى ٦٠٢٥ وإسناده على شرط البخاري ومسلم ، وهو صحيح إن كان سمعه يحيى بن أبي كثير من أبي سلمة ، فهو وإن روى عنه ، فإنه كثير الإرسال أيضا ، وبكل حال الحديث حسن.
(١) في المخطوطتين «سنين».