هذا اليوم؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا».
وقيل : معناه لو ولي محاسبة العباد في ذلك اليوم غير الله لم يفرغ منه في خمسين ألف سنة. وهذا معنى قول عطاء عن ابن عباس ومقاتل : وقال عطاء : ويفرغ الله منه في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا. وروى محمد بن الفضل عن الكلبي قال : يقول لو ولّيت حساب ذلك اليوم الملائكة والجنّ والإنس وطوقتهم محاسبتهم لم يفرغوا منه في خمسين ألف سنة ، وأنا أفرغ منها في ساعة من النهار. وقال يمان : هو يوم القيامة فيه خمسون موطنا كل موطن ألف سنة. وفيه تقديم وتأخير كأنه قال : ليس له دافع من الله ذي المعارج في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة تعرج الملائكة والروح إليه.
(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩) وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤))
(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) (٥) ، يا محمد على تكذيبهم ، وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.
(إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً) (٦) ، يعني العذاب ، (وَنَراهُ قَرِيباً) (٧) ، لأن ما هو آت قريب ، وهو يوم القيامة.
(يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) (٨) ، كعكر الزيت. وقال الحسن : كالفضة إذا أذيبت.
(وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) (٩) ، كالصوف المصبوغ. ولا يقال : عهن إلا للمصبوغ. وقال مقاتل : كالصوف المنفوش. وقال الحسن : كالصوف الأحمر وهو أضعف الصوف ، وأول ما تتغير الجبال تصير رملا مهيلا ثم عهنا منفوشا ثم تصير هباء منثورا.
(وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) (١٠) ، قرأ البزي عن ابن كثير (وَلا يَسْئَلُ) بضم الياء أي لا يسأل حميم عن حميم ، أي لا يقال له أين حميمك؟ وقرأ الآخرون بفتح الياء ، أي لا يسأل قريب قريبا لشغله بشأن نفسه.
(يُبَصَّرُونَهُمْ) ، يرونهم وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته فلا يسأله ، ويبصر حميمه فلا يكلمه لاشتغاله بنفسه. قال ابن عباس : يتعارفون ساعة من النهار ثم لا يتعارفون بعده. وقيل : يبصرونهم يعرفونهم أي يعرف الحميم حميمه حتى يعرفه ، ومع ذلك لا يسأله عن شأنه لشغله بنفسه. وقال السدي : يعرفونهم أما المؤمن فببياض وجهه ، وأما الكافر فبسواد وجهه ، (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ) ، يتمنى المشرك ، (لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ).
(وَصاحِبَتِهِ) ، زوجته ، (وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ) ، عشيرته التي فصل منهم. قال مجاهد : قبيلته وقال غيره : أقربائه الأقربين. (الَّتِي تُؤْوِيهِ) ، أي تعنيه ويأوي إليها.
(وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ، يود لو يفتدي بهم جميعا ، (ثُمَّ يُنْجِيهِ) ، ذلك الفداء من عذاب الله.
(كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨) إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣))
(كَلَّا) ، لا ينجيه من عذاب الله شيء ، ثم ابتدأ فقال : (إِنَّها لَظى) ، وهي اسم من أسماء جهنم وقيل : هي الدركة الثانية ، سميت بذلك لأنها تتلظى أي تتلهب.