(نَزَّاعَةً لِلشَّوى) (١٦) ، قرأ حفص عن عاصم (نَزَّاعَةً) نصب على الحال والقطع ، وقرأ الآخرون بالرفع أي هي نزاعة للشوى ، وهي الأطراف : اليدان ، والرجلان ، وسائر الأطراف. وقال مجاهد : لجلود الرأس. وروى إبراهيم بن المهاجر عنه : تنزع اللحم دون العظام. قال مقاتل : تنزع النار الأطراف فلا تترك لحما ولا جلدا. وقال الضحاك : تنزع الجلد واللحم عن العظام. قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : للعصب والعقب. وقال الكلبي : لأم الرأس تأكل الدماغ كله ثم يعود كما كان ، ثم تعود لأكله فتأكله فذلك دأبها. وقال قتادة : لمكارم خلقه وأطرافه. قال أبو العالية : لمحاسن وجهه. وقال ابن جرير : الشوى جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلا ، يقال : رمى فأشوى إذا أصاب الأطراف ولم يصب المقتل.
(تَدْعُوا) ، النار إلى نفسها ، (مَنْ أَدْبَرَ) ، عن الإيمان ، (وَتَوَلَّى) ، عن الحق فتقول إلي يا مشرك إلي يا منافق إليّ إليّ. قال ابن عباس : تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح ثم تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب. حكي عن الخليل : أنه قال : تدعو أي تعذب. وقال : قال أعرابي لآخر : دعاك الله أي عذبك الله.
(وَجَمَعَ) ، أي جمع المال ، (فَأَوْعى) ، أمسكه في الوعاء ولم يؤد حق الله منه.
(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) (١٩) ، روى السدي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : الهلوع الحريص على ما لا يحل له. وقال سعيد بن جبير : شحيحا. وقال عكرمة : ضجورا. وقال الضحاك والحسن : بخيلا. وقال قتادة : جزوعا. وقال مقاتل : ضيّق القلب. والهلع : شدة الحرص ، وقلة الصبر. وقال عطية عن ابن عباس : تفسيره ما بعد.
وهو قوله : (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) (٢١) ، يعني إذا أصابه الفقر لم يصبر ، وإذا أصابه المال لم ينفق. قال ابن كيسان : خلق الله الإنسان يحب ما يسره ويهرب مما يكره ، ثم تعبده بإنفاق ما يحب والصبر على ما يكره.
ثم استثنى فقال : (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) (٢٢) ، استثنى الجمع من الواحد لأن الإنسان في معنى الجمع كقوله : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) [العصر : ٢ ، ٣] ..
(الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (٢٣) ، يقيمونها في أوقاتها يعنى الفرائض.
[٢٢٧٠] م أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث أنا محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال ثنا عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير أخبره قال : سألنا عقبة بن عامر عن قول الله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) (٢٣) أهم الذين يصلون أبدا؟ قال : لا ولكنهم إذا صلوا لم يلتفتوا عن يمينهم ولا عن شمائلهم ولا من خلفهم.
(وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (٣٣) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٣٤) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥) فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ
__________________
[٢٢٧٠] ـ م موقوف. إسناده لا بأس به لأنه من رواية ابن المبارك ، عن ابن لهيعة ، وقد سمع منه قبل الاختلاط.