وناصر وأنصار ، وبرّ أيضا مثل نهر وأنهار ، (يَشْرَبُونَ) ، في الآخرة ، (مِنْ كَأْسٍ) ، فيه شراب (كانَ مِزاجُها كافُوراً) ، قال قتادة : يمزج لهم بالكافور ويختم بالمسك ، قال عكرمة مزاجها طعمها ، وقال أهل المعاني أراد كالكافور في بياضه وطيب ريحه وبرده لأن الكافور لا يشرب ، وهو كقوله (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً) [الكهف : ٩٦] أي كنار ، وهذا معنى قول (١) قتادة ، وقال مجاهد : يمازجه ريح الكافور. وقال ابن كيسان : طيبت بالكافور والمسك والزنجبيل. وقال عطاء والكلبي : الكافور اسم لعين ماء في الجنة.
(عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً (٩))
(عَيْناً) ، نصب تبعا للكافور. وقيل : نصب على المدح. وقيل : أعني عينا. وقال الزجاج : الأجود أن يكون المعنى من عين ، (يَشْرَبُ بِها) ، قيل : يشربها والباء صلة وقيل بها أي منها ، (عِبادُ اللهِ) ، قال ابن عباس أولياء الله ، (يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) ، أي يقودونها حيث شاءوا من منازلهم وقصورهم ، كمن يكون له نهر يفجره هاهنا وهاهنا إلى حيث يريد.
(يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) ، هذا من صفاتهم في الدنيا أي كانوا في الدنيا كذلك ، قال قتادة : أراد يوفون بما فرض الله عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة ، وغيره من الواجبات ، ومعنى النذر الإيجاب. وقال مجاهد وعكرمة : إذا نذروا في طاعة الله وفوا به.
[٢٣٠٤] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه».
(وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) ، فاشيا ممتدا ، يقال : استطار الصبح إذا امتد وانتشر. قال مقاتل : كان
__________________
[٢٣٠٤] ـ إسناده صحيح على شرط البخاري حيث تفرد عن طلحة ، وباقي الإسناد على شرطهما.
ـ أبو مصعب هو أحمد بن أبي بكر.
ـ وهو في «شرح السنة» ٢٤٣٤ بهذا الإسناد.
ـ وهو في «الموطأ» ٢ / ٤٧٦ عن طلحة بن عبد الملك به.
ـ وأخرجه البخاري ٦٦٩٦ و ٦٧٠٠ وأبو داود ٣٢٨٩ والترمذي ١٥٢٦ والنسائي ٧ / ١٧ وأحمد ٦ / ٣٦ و ٤١ والشافعي ٢ / ٧٤ ـ ٧٥ والدارمي ٢ / ١٨٤ وابن حبان ٤٣٨٧ والطحاوي في «المعاني» ٣ / ١٣٣ والبيهقي ٩ / ٢٣١ و ١٠ / ٦٨ من طرق عن مالك به.
ـ وأخرجه الترمذي بإثر ١٥٢٦ والنسائي ٧ / ١٧ وابن ماجه ٢١٢٦ وأحمد ٦ / ٢٢٤ والطحاوي في «المعاني» ٣ / ١٣٣ وابن حبان ٤٣٨٩ وابن الجارود ٩٣٤ من طريقين عن طلحة به.
ـ وأخرجه أحمد ٦ / ٢٠٨ من طريق يحيى بن أبي كثير عن القاسم به.
ـ وأخرجه ابن حبان ٤٣٨٨ من طريق أيوب السختياني ويحيى بن أبي كثير عن القاسم به.
ـ وأخرجه أبو يعلى ٤٨٦٣ والطحاوي في «المعاني» ٣ / ١٣٣ وابن حبان ٤٣٩٠ وابن عبد البر ٦ / ٩٤ و ٩٥ من طريق محمد بن أبان عن القاسم به.
(١) في المطبوع «مجاهد ومقاتل».