قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦))
(إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ) (١) ، انشقت.
(وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) (٢) ، تساقطت.
(وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) (٣) ، فجر بعضها في بعض واختلط العذب بالملح فصارت بحرا واحدا. وقال الربيع : فجرت فاضت.
(وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) (٤) ، بحثت وقلب ترابها وبعث من فيها من الموتى أحياء ، يقال : بعثرت الحوض وبحثرته إذا قلبته فجعلت أسفله أعلاه.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) (٥) ، قيل : ما قدمت من عمل صالح أو سيئ ، وما أخرت من سنة حسنة أو سيئة. وقيل : ما قدمت من الصدقات وأخرت من التركات ، على ما ذكرنا في قوله : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) (١٣) [القيامة : ١٣].
(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (٦) ، ما خدعك وسوّل لك الباطل حتى أضعت ما وجب عليك ، والمعنى : ما ذا أمنك من عقابه؟ قال عطاء : نزلت في الوليد بن المغيرة.
وقال الكلبي ومقاتل : نزلت في الأسود بن الشريق ضرب النبي صلىاللهعليهوسلم فلم يعاقبه الله عزوجل ، فأنزل الله هذه الآية يقول : ما الذي غرك بربك الكريم المتجاوز عنك إذ لم يعاقبك عاجلا بكفرك (١).
قال قتادة : غره عدوه المسلط عليه يعني الشيطان. قال مقاتل : غره عفو الله حين لم يعاقبه في أول أمره. وقال السدي : غره رفق الله به.
وقال ابن مسعود : ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة. فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي؟ يا ابن آدم ما ذا عملت فيما علمت؟ يا ابن آدم ما ذا أجبت المرسلين؟ وقيل للفضيل بن عياض : لو أقامك الله يوم القيامة فقال : يا فضيل ما غرك بربك الكريم؟ ما ذا كنت تقول؟ قال : أقول غرني ستورك المرخاة. وقال يحيى بن معاذ : لو أقامني بين يديه فقال : ما غرك بي؟ قلت : غرني بك برك بي سالفا وآنفا. وقال أبو بكر الوراق : لو قال لي : ما غرك بربك الكريم؟ لقلت : غرني بك كرم الكريم. قال بعض أهل الإشارة : إنما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه وصفاته كأنه لقنه الإجابة حتى يقول : غرني كرم الكريم.
(الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (١٠) كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥))
(الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (٧) ، قرأ أهل الكوفة وأبو جعفر (فَعَدَلَكَ) بالتخفيف أي فصرفك وأمالك إلى أي صورة شاء حسنا وقبيحا وطويلا وقصيرا. وقرأ الآخرون بالتشديد أي قومك وجعلك معتدل الخلق والأعضاء.
__________________
(١) هذه أقوال واهية ، لا تقوم بها حجة ، والصحيح عموم الآية.