مسلما ممن يقرأ الإنجيل آجر نفسه في عمل ، وجعل يقرأ الإنجيل فرأت بنت المستأجر النور يضيء من قراءة الإنجيل (١) ، فذكرت ذلك لأبيها فرمقه حتى رآه فسأله فلم يخبره ، فلم يزل به حتى أخبره بالدين والإسلام ، فتابعه هو وسبعة وثمانون إنسانا من بين رجل وامرأة ، وهذا بعد ما رفع عيسى عليهالسلام إلى السماء ، فسمع ذلك يوسف ذو نواس فخدّ لهم في الأرض وأوقد فيها نارا فعرضهم على الكفر ، فمن أبى أن يكفر قذفه في النار ومن رجع عن دين عيسى لم يقذفه ، وإن امرأة جاءت ومعها ولد صغير لا يتكلم ، فلما قامت على شفير الخندق نظرت إلى ابنها فرجعت عن النار ، فضربت حتى تقدمت فلم تزل كذلك ثلاث مرات ، فلما كانت في الثالثة ذهبت [حتى](٢) ترجع فقال لها ابنها : يا أماه إني أرى أمامك نارا لا تطفأ ، فلما سمعت ذلك قذفا جميعا أنفسهما في النار ، فجعلها الله وابنها في الجنة ، فقذف في النار في يوم واحد سبعة وسبعون ألف إنسان. فذلك قوله عزوجل : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤).
(النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ (٦) وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠))
(النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) (٥) ، بدل من الأخدود ، قال الربيع بن أنس : نجّى الله المؤمنين الذين ألقوا في النار بقبض أرواحهم قبل أن تمسهم النار وخرجت النار إلى من على شفير الأخدود من الكفار فأحرقتهم.
(إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) (٦) ، أي عند النار جلوس يعذبون المؤمنين. قال مجاهد : كانوا قعودا على الكراسي عند الأخدود.
(وَهُمْ) ، يعني الملك وأصحابه الذين خدّوا الأخدود ، (عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ) ، من عرضهم على النار وإرادتهم أن يرجعوا إلى دينهم ، (شُهُودٌ) ، حضور ، وقال مقاتل : يعني يشهدون أن المؤمنين في ضلال حين تركوا عبادة الصنم.
(وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما كرهوا منهم ، (إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ) ، قال مقاتل ما عابوا منهم. وقيل : ما علموا فيهم عيبا. قال الزجاج : ما أنكروا عليهم ذنبا إلا إيمانهم بالله ، (الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ).
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) ، من أفعالهم ، (شَهِيدٌ).
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا) ، عذبوا وأحرقوا ، (الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) ، يقال : فتنت الشيء إذا أحرقته ، نظيره : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (١٣) [الذاريات : ١٣] ، (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) ، بكفرهم ، (وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) ، بما أحرقوا المؤمنين. وقيل : ولهم عذاب الحريق في الدنيا ، وذلك أن الله أحرقهم بالنار التي أحرقوا بها المؤمنين ، ارتفعت إليهم من الأخدود ، قاله الربيع بن أنس والكلبي.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٦) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (١٧) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (١٩) وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (٢٠))
__________________
(١) تصحف في المخطوط «القرآن».
(٢) زيادة عن المخطوطتين.