محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب ثنا يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) (٤) قال : «أتدرون ما أخبارها»؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، تقول : عمل عليّ يوم كذا وكذا وكذا كذا ، قال : فهذه أخبارها».
(بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٥) ، أي أمرها بالكلام وأذن لها بأن تخبر بما عمل عليها. قال ابن عباس والقرظي : أوحى إليها ، ومجاز الآية : يوحى إليها ، يقال : أوحى لها وأوحى إليها ووحى لها ووحي إليها واحد.
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ) ، يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض ، (أَشْتاتاً) ، متفرقين فأخذ ذات اليمين إلى الجنة وأخذ ذات الشمال إلى النار ، كقوله : (يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) [الروم : ١٤] (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) [الروم : ٤٣]. (لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) ، قال ابن عباس : ليروا جزاء أعمالهم ، والمعنى أنهم يرجعون عن الموقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة والنار.
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨))
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) ، وزن نملة صغيرة أصغر ما يكون من النمل. (خَيْراً يَرَهُ).
(وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٨) ، قال ابن عباس : ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا أو شرا في الدنيا إلا أراه الله إياه يوم القيامة ، فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته فيغفر الله سيّئاته ويثيبه بحسناته ، وأما الكافر فيرد حسناته ويعذب بسيئاته.
قال محمد بن كعب : في هذه الآية : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٧) ، من كافر يرى
__________________
ـ وأخرجه الترمذي ٢٤٢٩ و ٣٣٥٣ والنسائي في «التفسير» ٧١٣ وأحمد ٢ / ٣٧٤ وابن حبان ٧٣٦٠ من طرق عن ابن المبارك بهذا الإسناد.
ـ قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب صحيح.
ـ وأخرجه الحاكم ٢ / ٥٣٢ من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ عن سعيد بن أبي أيوب به.
ـ وأخرجه الواحدي في «الوسيط» ٤ / ٥٤٢ من طريق شعبة عن يحيى به.
ـ وصححه الحاكم ، وقال الذهبي : يحيى هذا منكر الحديث قاله البخاري.
قلت : أخذ الذهبي رحمهالله بالأشد ، فقد تفرد البخاري بجرحه في حين خالفه أبو حاتم فلينه ، وابن حبان والحاكم فوثقاه».
ـ وله شاهد من حديث أنس ، أخرجه البيهقي في الشعب ٧٢٩٦ لكنه من طريق رشدين بن سعد عن يحيى بن أبي سليمان ، ورشدين واه ، وهذا من أوهامه كونه عن أنس ، والمحفوظ عن سليمان عن سعيد عن أبي هريرة.
ـ فهذا شاهد لا يفرح به.
ـ وله شاهد من حديث ربيعة الجرشي ، أخرجه الطبراني ٤٥٩٦ ، وفيه ابن لهيعة ضعيف ، وربيعة مختلف في صحبته ، والجمهور على أن له صحبة.
ـ ويشهد لأصول معناه حديث مسلم المتقدم عند البغوي.
ـ وبهذا يتبين أن إدراج الألباني له في «ضعيف الترمذي» ٦٦٤ والجزم بضعفه فيه نظر ، والصواب أن الحديث يدور بين الضعف والحسن إن لم يكن حسنا بشواهده ، والله أعلم.