لتلقين الثياب ، قال : فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا حاطب ما هذا؟ قال : يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ، يقول : كنت حليفا ولم أكن من أنفسها ، وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أما أنه قد صدقكم ، فقال عمر : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق ، فقال : «إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» ، فأنزل الله تعالى هذه السورة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) إلى قوله : (سَواءَ السَّبِيلِ).
[٢١٧٥] قال المفسرون : نزلت الآية في حاطب بن أبي بلتعة كما جاء في الحديث ، وذلك أن سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف أتت المدينة من مكة ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يتجهز لفتح مكة ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أمسلمة جئت»؟ قالت : لا ، قال : «أمهاجرة جئت»؟ قالت : لا ، قال : «فما جاء بك»؟ قالت : كنتم الأصل والعشيرة والموالي وقد ذهبت موالي وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتعطوني وتكسوني وتحملوني ، فقال لها : «وأين أنت من شبان مكة»؟ وكانت مغنية نائحة ، قالت : ما طلب مني شيء بعد وقعة بدر ، فحث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بني عبد المطلب وبني المطلب فأعطوها نفقة وكسوها وحملوها ، فأتاها حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى ، فكتب معها إلى أهل مكة [وأعطاها عشرة دنانير وكساها بردا على أن توصل الكتاب إلى أهل مكة](١) وكتب في الكتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريدكم فخذوا حذركم ، فخرجت سارة ، ونزل جبريل فأخبر النبي صلىاللهعليهوسلم بما فعل فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا وعمارا والزبير وطلحة والمقداد بن الأسود وأبا مرثد فرسا ، فقال فهم : «انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين ، فخذوه منها وخلوا سبيلها ، وإن لم تدفعه إليكم فاضربوا عنقها» ، قال : فخرجوا حتى أدركوها في ذلك المكان الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا لها : أين الكتاب فحلفت بالله ما معها [من](٢) كتاب ففتحوا متاعها [ونبشوها](٣) فلم يجدوا معها كتابا ، فهموا بالرجوع ، فقال [علي](٤) رضي الله عنه : والله ما كذبنا ولا كذّب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وسل سيفه فقال : أخرجي الكتاب وإلا لأجردنك ولأضربن عنقك ، فلما رأت الجد أخرجته من ذؤابتها ، وكانت قد خبأته في شعرها ، فخلوا سبيلها ولم يتعرضوا لها ولا لما معها ، فرجعوا بالكتاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حاطب ، فأتاه فقال : «هل تعرف الكتاب»؟ قال : نعم ، قال : «فما حملك (٥) على ما صنعت»؟ فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم والله ما كفرت منذ أسلمت ولا غششتك منذ نصحتك ، ولا أحببتهم منذ فارقتهم ، ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلا وله بمكة من يمنع عشيرته وكنت غريبا فيهم ، وكان أهلي بين ظهرانيهم ، فخشيت على أهلي ، فأردت أن أتخذ عندهم يدا وقد علمت أن الله ينزل بهم بأسه ، وأن كتابي لا يغني عنهم شيئا ، فصدقه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعذره ، فقام عمر بن الخطاب فقال : دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا
__________________
[٢١٧٥] ـ ذكره المصنف نقلا عن المفسرين ، وكذا الواحدي في «أسباب النزول» ٨١١ وما تقدم يغني عنه.
(١) سقط من المخطوط.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) سقط من المطبوع.
(٥) تصحف في المطبوع «هالك».