__________________
ولا دليل على ان المراد منها هو اعطاء صفة الحجية ـ بمعنى الطريقية والكاشفية ـ لها ، اذ ان هذه الروايات لا تعطي هذه الصفة للروايات الضعيفة التي ورد فيها ثواب على بعض المستحبّات ، فاخبار «من بلغ» لا تقول مثلا «فما ورد فيها فعنّا ورد» او «لا ينبغي لكم التشكيك فيها» وما اشبه هذه المعاني التي وردت في روايات حجية خبر الثقة ، و (ايضا) يبعد جدّا ارادة الاحتمال الثاني ـ وهو الاستحباب الواقعي النفسي ولو بعنوان ثانوي ـ فانه يبعد جدّا ان يعتبر الشارع المقدّس عملا ما مستحبا لمجرّد وروده لنا ولو من واضع كذّاب ، بمعنى ان وضع الواضع الكذّاب سيصير جزء علة في استحباب كل ما يضعه من مستحبّات وثوابات ، فكأنّ المولى تعالى سيكون خلف هذا الواضع يتبعه في وضعه وجعله للاستحبابات ، وهذا امر عجيب حقا. (اضافة) الى ان السبب المتصوّر لهذا التفضل الالهي هو نيّة الخير والانقياد من العامل ، فالاجر والثواب اذن على العمل بهذه النيّة لا على نفس المستحبّ المدّعى ولو لم نعمله. يدلّك على هذا قوله عليهالسلام في صحيحة هشام السابقة «فصنعه كان له اجره» ومثلها مصححة محمد بن مروان «... فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب اوتيه ...» ومرفوعة جابر بن عبد الله الانصاري ، وكم من الروايات وردت ان الله جلّ وعلا انما يحاسب الناس ويحشرهم على نيّاتهم. (وخلاصة الامر) انّ من يتامّل في اخبار «من بلغ» يرى ان القدر المتيقّن منها هو ارادة معنى التفضّل من الشارع المقدّس بما هو شارع. وذلك ليصحّ هذا الوعد باعطاء نفس الثواب الوارد في الروايات. لا من حيث هو عاقل. ذلك لان العقلاء وان رأوا حسن الاحتياط والانقياد ولكن ذلك لا يلازم نفس هذا الثواب الوارد. مع الاخذ بعين الاعتبار حسن الاحتياط واستحقاق مقدار من الثواب عقلائيا. (فاخبار) من بلغ تفيدنا اعطاء نفس الثواب الوارد منّا منه تعالى وتفضّلا ولا دليل على اعتبار الشارع المقدّس هذا العمل مستحبا ولو بعنوان ثانوي ، فافهم.