احتمال التغيّر في الظهور باعتباره حالة استثنائية نادرة تنفى بالاصل ، وبامضاء الشارع للبناء المذكور نثبت شرعية اصالة عدم النقل او اصالة الثبات. ولا يعني الامضاء تصويب الشارع للايحاء المذكور ، وانما يعني من الناحية التشريعية جعله احتمال (١) التطابق حجّة ما لم يقم دليل على خلافه.
ولا شك ايضا في ان المتشرّعة الذين عاصروا المعصومين خلال اجيال عديدة طيلة قرنين ونصف من الزمان كانت سيرتهم على العمل باصالة عدم النقل وعلى الاستناد في اواسط هذه الفترة واواخرها الى ما يرونه من ظواهر الكلام الصادر في بدايات تلك الفترة مع انها كانت فترة حافلة بمختلف المؤثّرات والتجديدات الاجتماعية والفكرية التي قد يتغيّر الظهور بموجبها.
ولكن اصالة عدم النقل لا تجري فيما اذا علم بأصل التغير في الظهور او الوضع وشك في تاريخه ، [وذلك] لعدم انعقاد بناء عقلائي في هذه الحالة على افتراض عدم النقل في الفترة المشكوكة ، والسرّ في ذلك ان البناءات العقلائية انما تقوم على اساس حيثيات كشف عامة نوعية ، فحينما يلغى احتمال النقل عرفا يستند العقلاء في تبرير ذلك الى ان النقل حالة استثنائية في حياة اللغة بحسب نظرهم ، وامّا من حيث
__________________
(١) يقصد بالاحتمال هنا الظن القوي بدليل ما سيذكره في الجملة الاخيرة في هذا البحث من قوله «.... وانما المتيقّن منها عقلائيا حالات الاحتمال الساذج للتغير والنقل.» وذلك لان الارتكاز العقلائي مبني على حيثية الكشف وليس مبنيا على التعبد المحض.