المكروه امتثالا لنهى الشارع فكانه قصد الامتثال بذلك المفهوم الكلى المجهول فهو بدل افضل من هذا المكروه.
ويمكن الجواب عن الايراد الاوّل : بان الفرد المكروه كما انه مشارك لسائر الافراد فى ابراء الذمة كذلك مشارك لها فى مقدار خاص من المحبوبية التى يوجب ثوابا خاصا على القدر المشترك ، الّا ان الخصوصية الناشئة عن اتّحاد مفهوم مرجوح مع بعض الافراد اوجب نقصا فى مقدار ثواب الطبيعة لانّ مقدار الثواب يختلف باختلاف المحبوبية ، ولما كانت محبوبية الطبيعة فى الفرد المكروه مشوبة بمرجوحية المفهوم المتحد معه فى الوجود ، كان ثواب هذا الفرد من الطبيعة اقلّ من ثواب الفرد الذى خلّى عن مزاحمة مفهوم مرجوح ، ولا يلزم من ذلك القول بما يشبه مذهب اهل الاحتياط فان ذلك انما هو فى الاعمال المتعددة من حيث الوجوه المتعدّدة من حيث التكليف ومن حيث الجزاء.
واما العمل الواحد فلا اشكال عقلا وشرعا فى انه يلاحظ فى مقدار الاثابة عليه من جميع جهاته وجميع المفاهيم المتصادقة فيه ، وحينئذ فينحصر العبادة المكروهة فيما كان النهى عنه لوصف خارج متحد معه فى الوجود ، كما يعلم انه من هذا القبيل فيحكم بصحة العبادة وما كان ظاهر [ه] خلاف ذلك بان كان ظاهره تعلق المنهى بالذات او بالجزء ، فان دلّ الدليل على صحّته فينكشف بهذا عن رجوع النهى فيها الى وصف مفارق للحدّ معه فى الوجود وإلّا فيحكم بمقتضى الفهم بتقييد الامر المستلزم للبطلان ، هذا فى العبادات الواجبة.