يكن اجتماع هاتين الطبيعتين فى فرد معين مصداق لهما مستلزما لاجتماع نفس الامر والنهى اعنى : الوجوب والحرمة فى ذلك الفرد لم يكن عند العقل استحالة فى ذلك ، لانه ليس من اجتماع الضدين فى محل واحد ولا تكليفا بغير المقدور ، ولكن المستفاد من الاوامر والنواهى المتعلقة بالطبائع ان جميع افرادها من جميع الاعتبارات والحيثيات مطلوبة فى الاوامر ومبغوضة فى النواهى ، لا بان الاوامر والنواهى تتعلق بالافراد ـ حتى يرد انّ بعض هؤلاء المفصّلين ممن يقول بتعلّقها بالماهيات دون الافراد ـ بل بمعنى ان تعلق الطلب بالماهية المطلقة بحسب متفاهم اهل العرف يدل على ان هذه الماهية المطلوبة حيثما يوجد ليس هنا جهة مبغوضية تعارض حسنها ، وكذا تعلّق النهى بالطبيعة يدلّ عرفا على مراد جميع مصاديقها عن جهة حسن تعارض قبحها.
ومن الواضح ان اجتماع الامر والنهى على هذا التقدير فى شيء من المصاديق من المستحيلات الاولية عند العقل ، ضرورة عدم امكان الحسن من جميع الجهات والقبح من جميع الجهات فى شيء واحد شخصى ، فلا بد حينئذ من التصرف فى احدهما بالتزام تخصيص ونحوه.
فالمراد بالامتناع العرفى حينئذ هو : ان حصول مدلول الامر والنهى بحسب المتعارف فى الاوامر والنواهى اذا عرضا على العقل قضى باستحالة اجتماعهما فى محل واحد لا ان مدلوليهما العرفيين يمكن اجتماعهما عند العقل دون العرف. فكانّ هذا المفصّل يدعى ان الطلب مثلا اذا جوّز للمريض استعمال شيء من الشراب والطعام او نهى عن ذلك ، فهم من تجويزه منع