والثالث ـ من اجوبة هذا الدليل المزبور انّ النهى فى العبادات المكروهة متعلّق بالوصف اعنى : خصوصية الفرد ، مثل وقوعها فى الحمام مثلا ، ومتعلّق الامر هى : «الطبيعة» فلا يلزم اجتماع الامر والنهى فى شيء واحد ، وقد اختار هذا الجواب بعض السادة (١) العظام فى رسالته وتصدى للاستدلال على ذلك بما حاصله : «انّ متعلّق الاوامر على ما هو التحقيق هى الطبائع دون الخصوصيات والافراد فيكون الامر نصّا فى طلب الماهية ، بخلاف النهى فانه فى معنى السلب وسلب المركب من الطبيعة والخصوصية الفردية قد يكون برفع الجزءين اعنى الماهية والخصوصية معا ، وقد يكون برفع احدهما كما هو الشأن فى سلب المركبات فيكون تعلّقه بالطبيعة ظاهرا لا نصّا ، ومن القواعد المقرّرة وجوب صرف الظاهر الى النص حيثما وقع التعارض بينهما».
وانت اذا تأمّلت فيما قدمنا علمت انه كلام خال عن التحصيل ، لانّ خصوصية الفرد ليست إلّا نحو وجود خاص للطبيعة المحسّنة ووجودات الاشياء وعاء لظهور ما فى ماهياتها من الخواص والآثار كالحسن والقبح ونحو ذلك ، فلا يتعقّل تعلّق النهى الكاشف عن المنقصة ببعض افراد الطبيعة المفروض اشتمالها على المصلحة.
نعم لو اجتمع مع الطبيعة الحسنة فعل آخر قبيح فى بعض الافراد امكن النهى عن ذلك الفرد نظرا الى نقصان حسن تلك الماهية الحسنة بسبب المعارضة بقبح ذلك الفعل لكنه لا يتصوّر الّا فيما يكون النسبة بين تلك
الطبيعة وذلك الفرد عموما من وجه نحو الوضوء للعبادة والتصرف فى
__________________
(١) ـ انظر : مطارح الانظار ص ١٣٣ ورد فيها هذا القول مع اختلاف يسير فى اللفظ