افراد العبادة لا يفيد الّا اشتماله على المانع من الصحة وحصول الامتثال واذا اراد التنبيه على اختلاف مراتب الافراد فى الثواب والكمال نهى عن الفرد الّذى ثوابه دون ثواب غيره من حيث اشتماله على ما يمنع من اقتضاء الطبيعة لتمام ما فيها من الحسن والثواب ، ويأمر بالفرد المشتمل على مزية توجب زيادة ثواب الطبيعة كالصلاة فى المسجد ، فالنهى فى المقامين عار عن الطلب الحقيقى مسوق لصرف الارشاد الى ما يمنع عن الصحة وحصول الامتثال او عن الحسن والثواب المعدّ لاصل الطبيعة. فملاك النهى الوارد فى هذا القسم من مكروه العبادة كون النهى عنه مشتملا على امر وجودى مثل وقوعه فى مكان خاص او زمان كذلك مانع عن حصول تمام حسن الطبيعة والثواب المرتب على فعلها ، كما ان مدار الامر الاستحبابى على اشتمال الفرد المستحب على مزية وجودية توجب ازدياد ثواب الطبيعة وحسنها.
فالكراهة والاستحباب فى افراد العبادة الواجبة دائرتان مدار خصوصية وجودية تمنع عن اقتضاء الطبيعة لتمام ما فيها من الحسن والثواب او توجب حسنا آخر زائدا على ما فيها ، فحيثما ينتفى الامران لم يكن هناك كراهة ولا استحباب ، ويسمّى ذلك بالفرد المباح المراد به المجرد عن المانع والفضل الزائد.
وبهذا البيان يندفع جميع ما اوردنا على تفسير الكراهة بقلّة الثواب ، فلا يلزم حينئذ صدق المكروه على كل ما هو اقلّ من غيره فى الثواب من العبادات ولا اتّصاف الفرد المباح كالصلاة فى البيت مثلا بالاستحباب ، لانّ منشأ ورود الاوّل مقايسة بعض الافراد مع البعض الآخر فى الحسن والثواب ،