ومنشأ ورود الثانى ملاحظة فضل الصلاة فى البيت مثلا على الصلاة فى الحمام مثلا فى الثواب وكلاهما غير واردين على بياننا هذا.
لانّا نقول : انّ الملحوظ فى قلّة الثواب وكثرته انّما هو حال الثواب المعدّ للطبيعة لا حال الافراد فيما هو اقلّ ثوابا من الثواب الّذى يقتضيه الطبيعة ـ لو خلّيت وطبعها ـ من دون عروض المانع فهو المكروه ، وما هو اكثر ثوابا من ثوابها فهو المستحب ، وما هو واجد لتمام حسنها وثوابها من غير زيادة ونقصان فهو المباح.
فليس الواقع فى قبال كل كثير مكروها ولا الواقع فى قبال كل قليل مستحبا ، وانّما تكون كذلك لو كان مناط صدق الكراهة والاستحباب مجرد الزيادة والنقصان.
ثم نقول ايضا انّ مجرد الافضلية لا يقتضى الاستحباب ولا مجرّد المفضولية تقتضى الكراهة ، بل المقتضى لهما الفضيلة الحاصلة من انضمام قيد وجودى او المفضولية كذلك ، وافضلية الصلاة فى البيت عن الصلاة فى الحمّام ليست لكونها فى البيت بل لعدم كونها فى الحمام ، وكذا مفضوليتها بالنسبة الى الصلاة فى المسجد ليست لكونها فى البيت بل لعدم كونها واجدة لمزية وقوعها فى المسجد.
والحاصل انّ مدار الكراهة على كون نقصان الثواب باعتبار امر وجودى مانع عن اقتضاء الطبيعة لتمام حسنها ، ومدار الاستحباب على كون الفضل مستندا الى مزية وجودية كالمسجدية.
وقد تفحّصنا فى الادلة فوجدنا دوران النهى وجودا وعدما مع الاوّل ، و