الترك المقيد بذلك الامر عبادة متوقفا حسنها على نية الامتثال.
بقى هنا شيء وهو : ان الكراهة بناء على ما ذكرنا كون الفعل والترك فيما لا بدل له من العبادات المكروهة مستحبين تخييريين من دون مزية لاحدهما على الآخر ، وهذا ينافى ما كاد يكون صريح النصوص والفتاوى من رجحان فعلها على تركها.
ويمكن دفع الاشكال بانّ ورود النهى فى العبادة كما يكشف عن مطلوبية تركها ، لكونه مصداقا ومحصلا لامر راجح معلوم عند الله ـ تعالى ـ ملازم للترك كما اوضحناه هنالك يكشف عن كون الترك افضل من الفعل وان كان هو ايضا مستحبّا ويشهد لذلك استعمال النهى فى المحاورات كثيرا فى هذا المقام ـ يعنى فى مقام تفضيل احد المستحبين التخييريين على الآخر على سبيل الارشاد مثلا اذا سئل المجتهد عن انّه : اذا دار الامر بين التسبيح والتقديس وبين قضاء حوائج الاخوان ، فبأيهما ينبغى ان يفعل؟ فقيل فى الجواب : لا تسبح. علم من هذا النهى امران :
احدهما ـ استحباب قضاء الحوائج
والثانى ـ رجحانه على التسبيح وهذا واضح.
ثم انّ هذا الكلام انّما هو فيما اذا لم يكن هناك دلائل آخر على رجحان الترك وافضليته من الفعل وكان مستند الكراهة صرف النهى ، وامّا فى مثل الصوم الدالّ على افضلية تركه عن الفعل ، افعال المعصومين ـ عليهمالسلام ـ واقوالهم من التصريح بكونه معصية ومكروها ، فالامر واضح اذ لا حاجة حينئذ الى الاستدلال والاستناد بان صرف النهى مسوق لبيان تفضيل الترك