ويشكل الاستثناء على ما ذكره لانّ حكم العقل التخصيص ، فاذا فرضنا انّ كثرة المصلحة يقتضى الثواب بحسبها كما هو ظاهر عند العقل وقلنا بان مصلحة الواجب اكثر من مصلحة المستحب لما فى طلب الواجب من التأكد الكاشف عن تاكد المصلحة ، امتنع بعد ذلك تخصيص هذه القاعدة بل يجب التأويل فيما ينافيها من الاخبار وكالحديث المزبور حديث مباهاة الله على الملائكة اذا قضى العبد النوافل معلّلا بانّه يقضى ما لا يجب عليه فانه بدل ايضا على فضل الفرائض بالنسبة الى النوافل ، اذ المباهاة انما يتحقّق اذا كان النفل دون الواجب فى الفضل والثواب فكانه ـ تعالى ـ يقول مباهيا على الملائكة ـ : انظروا الى عبدى كيف يهتم بالنفل الذى ثوابه اقلّ من ثواب الفرض فكيف اهتمامه بالفرض الواجد لفضيلة زائدة ، ويمكن تنزيل المباهات على وجه يكون دليلا على افضلية النافلة عن الفريضة بان يقال :
انّ سبب المباهات انما هو اشتغال العبد بعبادة اكمل من الفريضة اعنى النافلة ، فليتدبّر فى تخريج الوجهين.
وقد يشكل فيما ذكرنا ـ مضافا الى الموارد المخصوصة الّتى ورد فيها
__________________
السادس والثلثين خاتمة هذا الحديث كما عرفت صريح فى ان الواجب افضل من الندب وقد استثنى من ذلك شيخنا الشهيد وغيره مواضع : الاوّل ـ الابراء من الدين فانه مستحب وهو افضل من انظار المعسر وهو واجب. والثانى ـ السلام ابتداء فانه افضل من رده وهو واجب. الثالث ـ اعادة المنفرد صلواته جماعة فان صلاة الجماعة مطلقا تفضل على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة. الرابع ـ الصلاة فى البقاع الشريفة فانها مستحبة وهى افضل من الصلاة فى غيرها. الخامس ـ الخشوع فى الصلاة مستحب ويترك لاجله سرعة المبادرة الى الجمعة وان فات بعضها مع انها واجبة ايضا.»