كيف والّذى دعاهم الى ارجاع الترك المطلوب من صيغة النهى الى الكف انّ مجرد الترك امر عدمى ، لا يجوز تعلّق الطلب عليه وجودا وعدما ، وهذا غير موجود فى المقام.
اذ المطلوب من قولنا «لا تترك الصلاة» المتولّد من قوله «صلّ» هو بعينه «طلب فعل الصلاة» فلو فسّرنا قوله «لا تترك الصلاة» بقولنا «كفّ عن ترك الصلاة» فهذا يكفى فى جعل المطلوب من النهى امرا مقدورا ولا حاجة الى تفسيره بقولك «كفّ عن الكفّ عن الصلاة» بل لعلّ هذا من المستحبات الّتى لا اظنّ قائلا به.
ودعوى ان الترك سواء كانت مداليل الهيئة او المادّة امور غير مقدورة ، فانّ دليلهم المزبور على ارجاع مدلول النهى الى الكفّ لا يتفاوت فيه بين مدلول الهية او المادّة ، حتّى انّه يلزم على هذا التقدير ان يكون المراد من «اترك الزنا ـ كفّ عن الزنا» وهكذا الى ساير المقام ، واضحة الفساد بما عرفت من عدم تمامية دليلهم المزبور فى المقام ، وان كان تماما مثل «اترك الزنا» لانّ الترك المنهى عنه فى المقام امر انتزع من طلب الفعل فلا حاجة الى ارجاعه الى الكفّ بعد كون المراد من النهى عنه بعينه طلب الفعل المامور به.
واما ما يقال من انّه لا ذمّ الاعلى فعل ، فلا بدّ من كون المراد بقولنا «لا تترك الصلاة» الحاصل من قوله «صلّ» [او] كفّ عن الكفّ» وإلّا لكان الذّم على غير الفعل فهذا ايضا اجنبى عن المقام ، لانّه يكفى فى تصحيح الذمّ هنا جعله مترتبا على الكفّ عن الصلاة ، فلا حاجة الى ان يفسّر «لا تترك