ولذا استدل الاشاعرة على نفى حكم العقل بنفى التعذيب قبل بعث الرسل بناء على استلزام نفى التعذيب لنفى التكليف الشرعى وكون نفى التكليف الشرعى لازما لنفى التحسين والتقبيح العقليين فلو لا الملازمة لم يكن وجه للاستدلال اصلا ، ولم يكن معنى لرده من العدلية كما فى التهذيب وغيره بوجوب تاويل الدليل السمعى فى مقابل الدليل القطعى ، ولم يستدلوا بالادلة القطعية الاعلى الحسن والقبح العقليين فلو لا استلزام ذلك لثبوت التعذيب بدون بعث الرسل لم يكن تنافى بين الادلة القطعية وبين ظاهر الآية.
والحاصل ان مذهب الامامية قاطبة الى زمان بعض الاخباريين مستقر على كون العقل من ادلة الاحكام الشرعية ثم من بعض الاخباريين مستندا الى عدم حجية ادراكات العقل فى غير مسئلة الحسن والقبح خلافا للكل من الاشاعرة والعدلية ـ ثم فصل بعضهم بين الضروريات كقولنا : الواحد نصف الاثنين وغيرها وفساده وهذا الكلام قد فرغنا منه فى غير هذا المقام.
فنقول : اذا فرض حكم العقل باستحقاق المدح وجزاء الخير على فعل بحيث يستحق الذم والجزاء السوء على تركه ، فهذا الحكم بنفسه وان لم يكن ايجابا شرعيا ، لان هذا نفسه ليس طلبا من الشارع الّا ان هذا المقدار يكفى فى وجوب اتيان الفعل اذ لا نفرق حينئذ بين ما وجب بخطاب الشارع وبين هذا.
فان المناط فى وجوب الاتيان بالواجب الشرعى ليس الّا حكم العقل بان تاركه يستحق العقاب وهذا الاستحقاق موجود فيما نحن فيه.
نعم يتحقق الثمرة فى ترتب احكام الواجبات الشرعية من كفر مستحلّه اذا صار ضروريا وقتل تاركه من دون استحلال فى المرتبة الرابعة وقصد