وقد علمنا انا لا نعلم بالعقل وجوب الصلاة (ولا الزكاة) (١) ولا الصوم ولا غير ذلك من العبادات التى جاءت الشرائع (بها بل) لا يحسن فعلها بالعقل ، واذا ابطل وجه وجوبها عقلا ثبت انها (انما) تجب لكونها ألطافا ومصالح.
واذا ثبت ذلك فلا يمتنع ان يتغير المصالح فيتغير (٢) ما كان داعيا الى فعل الواجب صارفا عن فعله ، ويصير داعيا الى فعل القبيح وما يكون مصلحة لزيد لا يكون لعمرو وما يكون مصلحة فى وقت يصير مفسدة فى وقت آخر ، وذلك يوجب النسخ وإلّا قبح التكليف [عقلا].
فان قيل لم لا يجوز ان يكون وجه وجوبها (٣) هو ان لنا فيها ثوابا دون كونها ألطافا؟
فقيل له : الشيء لا يجب من حيث كان فيه ثواب وإلّا (٤) لكانت النوافل كلها واجبة (ولم يكن فرق بينها وبين الواجبات). فلا بد من القول بما قلنا من انها انما وجبت لكونها ألطافا وانما قلنا ذلك لان ما يقع عنده الواجب يجب لوجوبه لا محالة.
وقد ورد القرآن ايضا منبّها على ذلك (٥) قال الله ـ تعالى ـ
(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (فبيّن انّها وجبت من حيث كانت صارفة عن فعل القبيح وقال فى تحريم الخمر) (٦) (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ
__________________
(١) ـ ما بين القوسين مزيد من العدة
(٢) ـ المصدر : فيصير
(٣) ـ المصدر : هذه العبارات
(٤) ـ المصدر : لانه لو كان كذلك
(٥) ـ المصدر : على ما قلنا
(٦) ـ بين القوسين مزيد من العدّة