الاوّل ـ ان الحكم المنفى لاجل الحرج امّا ان يكون فى متعلقه حسن ام لا ، وعلى الاول تثبت الانفكاك بين الحسن والحكم ، وعلى الثانى فلا معنى للامتثال برفع الحكم الذى لا حسن فى جعله ، لان الجعل اذا كان قبيحا ولو لاجل اللغوية فى امتنان فى نفيه ، وبعبارة اخرى الحكم الشرعى على مذهب العدلية تابع للحسن بحيث يقبح تخلفه عنه ، ولذا اورد عليهم الاشاعرة بلزوم عدم كونه تعالى مختارا فى جعل الاحكام.
واجابوا عن ذلك : بان انتفاء القبح لصارف لا ينافى الاختيار فعلى هذا جعل الحكم على خلاف الصفة قبيح ، فلا امتنان فى رفع الحرج اذ لا صفة فى الامر المرتفع حكمه للحرج.
والثانى ـ ان الشارع المقدس اخبرنا بافعال وانها حسنة حسنا ملزما وانه لم يامر بها لمكان الحرج ، كما فى قوله ـ صلىاللهعليهوآله ـ «لو لا ان أشقّ على امّتى لامرتهم بالسواك او لاخرت العميمة الى ثلث الليل» (١) دل على انحصار المانع بمشقة الالزام فصفة الفعل تامة فى اقتضاء الوجوب.
والجواب عن التقرير الاوّل :
اولا ـ ما تقدّم من ان الكلام فى كون الحكم العقلى الذى احرزه العقل دليلا على الحكم الشرعى واذا احرز العقل الحكم لحسن الفعل بحيث يستحق فاعله المدح من كل عالم بفعله وتاركه الذم منه لم يؤثر فى نفى ذلك كونه عسرا وان كان فى غاية العسر ، ألا ترى انه لا يسوغ العقل قتل مؤمن ظلما تفصيا عن الحرج اللازم على تركه.
__________________
(١) ـ كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٥٥. الموطأ : ج ١ ص ٦٤ طبعة مصر ١٣٤٩ ه