يكن طلبه تشريعا بل كان طلبه ارشادا خارجا عن الحكم الشرعى ، فان الاوامر الارشادية لا يفيد حكما شرعيا من الاحكام الخمسة وان كان فعل المامور به فيها محكوما فى نفسه بحكم شرعى.
ثم لو سلمنا الحاجة الى الحكم الشرعى فى المقام كان جميع ما ورد من البحث على الاطاعة والترهيب عن المعصية وحفظ النفس عن النار وغير ذلك ـ كافيا ، لان المفروض عدم سقوط التكليف فعلا بسبب تعذر العلم والظن الخاص ، فالعقاب على ترك ما يقدر ان يحصله بالظن ، فيجب التجنب عنه بمقتضى الآيات والاخبار.
ثم ان هذا كلّه اذا قررنا دليل العقل على وجه ينتج حكومة العقل بوجوب العمل بالظن.
امّا اذا قرر على وجه يكشف مقدماته بالمتبع فى الاحكام عند الشارع هو الظن امّا لاجل الاجماع ، وامّا لاجل نفس المقدمات لبقاء التكليف وعدم جواز الرجوع الى الاصول الراجعة الى البراءة وعدم وجوب الرجوع الى ما يرجع الى الاحتياط وقبح ترجيح الشارع العمل بالموهوم على العمل بالمظنون.
فيتعيّن كون المتبع عند الشارع الظن فحينئذ لا حكم عقلى بالتحسين والتقبيح فى فعل المكلف حتى يتكلم فى الملازمة بينه وبين حكم الشرع بل الحكم العقلى على هذا التقرير يرجع الى حكم العقل بتعيين احد اطراف المنفصلة الحقيقية بعد نفى ما فيها فهو يرجع الى الملازمات العقلية.
والنزاع فى تطابق العقل والشرع ليس فيها لان العقل فيها يدرك حكم الشرع لا انه يحكم بحكم ليلاحظ التطابق بينه وبين حكم الشرع فافهم هذا.