وكيف كان فالاحكام الشرعية المقيدة فى الشريعة بعدم الضرر ليس المراد بالضرر فيها إلّا ان الضرر الدنيوى وهو المستقل فى ادلة نفى الضرر.
وحينئذ فنقول ان سقوط ما يسقط بالضرر الدنيوى ليس لاستقلال العقل بالسقوط ، كيف والمحقق فى قول الواجب او فعل المحرم ضرر اخروى اعظم بمراتب من الضرر الدنيوى فالمستند فى السقوط حكم الشرع به.
ولذا ترى ان الشارع حكم بوجوب التعريض للهلاك فى الجهاد ، واطبقوا على حرمة قتل النفس المحترمة مع القطع بهلاك نفسه لو لم يفعل وحكموا باباحة تسليم النفس للقتل اذا اكره على اظهار كلمة الكفر بل باستحبابه ، اذا كان المكره ممن يقتدى به ويكون فى تسليمه للقتل اغرار للدين.
وحينئذ فالعقل لا يستقل بوجوب دفع مثل هذا الضرر ويكون استقلاله بوجوب الدفع مشروطا بان لا يثبت من الشرع ضرر فى الترك اعظم من ذلك الضرر الدنيوى ، او ثبت من الشرع تلافى ذلك الضرر بشيء مساو له او اعظم ، ليكون ارتكابه مباحا او مستحبا : فاذا علمت حال الضرر المعلوم عرفت ان الضرر المشكوك انما يجب دفعه اذا لم يحكم باباحة التعريض له او وجوبه ، لان المجمل ليس اعظم من المقطوع.
واذا شك فى الضرر وحكم الشارع بمقتضى اصالة عدم الضرر بترتب احكام عدم الضرر عليه كالوضوء والصوم المدلول عليه بعموماتهما مع الشك فى الضرر واباحة شكوك الطريق المدلول عليه باصالة الاباحة شرعا الثابتة بالشرع مع الشك فى الضرر ، فالعقل لا يستقل بوجوب التحرز عن