وبعض الناس يقول : إنّ هذه واو الثمانية لا يذكر إلا بها (١).
__________________
ـ قال الزجاج : إنّ دخولها يدل على تمام القصة وانقطاع الكلام. اه. فيكون المعنى أنّ الله عزوجل خبّر بما يقولون ، ثمّ أتى بحقيقة الأمر فقال : وثامنهم كلبهم. راجع إعراب القرآن للنحاس ٢ / ٢٧١.
(١) ـ قال الصفدي : وتارة تكون الواو واو الثمانية في مثل قوله تعالى : (مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) سورة التحريم : آية ٥ ، وفي قوله تعالى : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) سورة التوبة : آية ١١٢. ـ في قوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) سورة الزمر : آية ٧٣. أتى بالواو هنا ، ولم يأت بها في ذكر جهنم ، لأنّ للنار سبعة أبواب وللجنة ثمانية. وفي قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) سورة الكهف : آية ٢٢. قال : ولعمري إنّ هذا استقراء حسن. وبعض المحققين منع هذا ، وقال : إنما تقع بين المتضادين ، لأنّ الثيّبات غير الأبكار والآمرين ضد الناهين. وقال في قصة أهل الكهف : إنه أتى بالواو مع الثمانية ، لأنّ القول الثالث أقرب إلى الحق ، أو هو الحق ، لأنه قال في القولين الأولين : (رَجْماً بِالْغَيْبِ) وفي الثالث قال : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ). وقال في قصة أهل الجنة : وأثبت الواو لأنّ أبواب جهنم لا تفتح إلا عند دخول أهلها زيادة في الضيق على من بها ، وأمّا أبواب الجنة فإنها تفتح لأهلها قبل دخولهم إليها إكراما لهم ، لقوله تعالى : (مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ). وردّ هذا القول بأنّ الواو دخلت مع تعدد الصفات في قوله تعالى : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) ولم تدخل في قوله تعالى : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ) ولا تضادّ بين الغفران وقبول التوبة. قلت : لو سقطت الواو من «أبكارا» لاختلّ المعنى ؛ لأنهنّ لا يكنّ ثيبات أبكارا معا ، فاضطر إلى الواو لتدلّ على المغايرة. قال الشيخ جمال الدين ابن الحاجب رحمهالله : إنّ القاضي الفاضل رحمهالله كان يعتقد زيادة الواو في هذه الآية ـ أي : من آية التحريم ـ ، ويقول : هي واو الثمانية ، إلى أن ذكر ذلك بحضرة الشيخ أبي الجود المقري ، فبيّن له أنّه وهم ، وأنّ الضرورة تدعو إلى دخولها هنا ، وإلا فسد المعنى ، بخلاف واو الثمانية فإنه يؤتى بها لا لحاجة.