نعوّضه عن إغفال الذكر بتمكين الشيطان منه خذلانا له.
(يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ). (٣٨)
المشرق والمغرب ، كما قيل : القمران.
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ). (٣٩)
قال ابن جنيّ : سألت أبا عليّ عنه فقال :
لما كانت الدار الآخرة تلي الدار الدنيا ولا فاصل بينهما ، إنما هي هذه فهذه صار ما يقع في الآخرة كأنّه واقع في الدنيا ، فلذلك أجرى «اليوم» وهو للآخرة مجرى وقت الظلم ، وهو قوله : (إِذْ ظَلَمْتُمْ) ، ووقت الظلم كان في الدنيا (١).
ولو لم نفعل هكذا بقي (إِذْ ظَلَمْتُمْ) غير متعلق بشيء.
ومعنى الآية :
أنّهم لا ينتفعون بسلوة التأسّي بمن شاركهم في العذاب ، لأجل ظلمهم فيما مضى وإن كان التأسّي مما يخفّ من الشدائد ، ويقلّ من أعباء المصائب.
كما قالت ليلى الأخيلية :
١٠٤٠ ـ ولو لا كثرة الباكين حولي |
|
على إخوانهم لقتلت نفسي |
١٠٤١ ـ وما يبكون مثل أخي ولكن |
|
أسلّي النفس عنهم بالتّأسي (٢) |
(أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ). (٥٢)
كأنّه قال : أفلا تبصرون أم أنتم بصراء ، فقوله : (أَنَا خَيْرٌ) بمنزلة قوله :
__________________
(١) راجع القصة في مغني اللبيب ص ١١٤ ؛ والخصائص ٢ / ١٧٢.
(٢) البيتان للخنساء ترثي أخاها صخرا وليس لليلى الأخيلية كما قال المؤلف ، وهما في ديوان الخنساء ص ٨٤ ـ ٨٥ ؛ والكامل ١ / ٩ ؛ والصناعتين ص ٢٤١.