استعارة ومجاز لتجليل الرحمة لهم ، ودخولهم فيها.
وللمجاز ثلاثة أوصاف :
الاتساع ، والتوكيد ، والتشبيه ، وقد انتظم جميعها هذا اللفظ.
أمّا الاتساع : فكأنه زيد في أسماء الجهات والمحال اسم هو الرحمة.
وأمّا التشبيه : فلأنه شبّه الرحمة ـ وإن لم يصح دخولها ـ بما يجري دخولها ووضعها موضعه.
وأمّا التوكيد : فلأنّه عبّر عن المعنى بما يخبر به عن الجوهر المتصور المحسوس.
ومثل هذا الموضع انتظام المعاني الثلاثة قول الشاعر :
١٠٤٨ ـ قرعت ظنابيب الهوى يوم عالج |
|
ويوم النقا حتى قسرت الهوى قسرا (١) |
وقول الآخر :
١٠٤٩ ـ غمر الرداء إذا تبسّم ضاحكا |
|
غلقت لضحكته رقاب المال (٢) |
وقول الآخر :
١٠٥٠ ـ تغلغل حبّ عثمة في فؤادي |
|
فباديه مع الخافي يسير (٣) |
فوصف الحبّ بالتغلغل من مجاوزة مكان إلى آخر ، فيكون ذلك بتفريغ الأول وشغل الثاني وهو من أوصاف الأعيان لا الأحداث.
* * *
__________________
(١) البيت في الخصائص ٢ / ٤٤٥ ؛ واللسان مادة : ظنب. يقال : قرع ظنابيب الشيء : إذا ذلّله ، يقول : إنه ذلل الهوى في هذين البيتين وذلك بالتقائه بحبيبه.
(٢) البيت لكثير صاحب عزّة. وهو في الخصائص ٢ / ٤٤٥ ؛ والاختيارين ص ٧ ؛ وديوان المعاني ١ / ٣٨ ؛ والنوادر للقالي ٢ / ٢٩١.
(٣) البيت لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة أحد الفقهاء السبعة. وهو في زهر الآداب ١ / ٢١٢ ؛ والخصائص ٢ / ٤٤٤ ؛ والأغاني ٨ / ٩٤ ؛ والنوادر للقالي ص ٢١٧ ؛ ومجالس ثعلب ص ٢٣٦.