وهو خبر واحد عن اثنين ، كأنه : عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد ، أو : كلّ واحد منهما قعيد.
كما قال البرجمي :
١٠٧٧ ـ فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإني وقيّار بها لغريب (١) |
(وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ). (١٩)
لهذه الباء تقديران :
ـ إن شئت علّقتها بنفس جاءت ، كقولك : جئت بزيد ، أي : أحضرته ، وأجاءته.
ـ وإن شئت علّقتها بمحذوف ، وجعلتها حالا.
أي : جاءت سكرة الموت ومعها الحق ، كقولك : خرج بثيابه. أي : خرج وثيابه معه أو عليه.
ـ وقراءة أبي بكر رضي الله عنه : «وجاءت سكرة الحق بالموت» لاتحادهما في الحال ، ولا ينفصل أحدهما من صاحبه.
وروي أنّ عائشة كانت عند أبي بكر وهو يقضي ، فأنشدت :
١٠٧٨ ـ أماوي ما يغني الثراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر (٢) |
فقال أبو بكر : بل قول الله : وجاءت سكرة الحق بالموت (٣).
(ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ).
__________________
(١) البيت لضابىء بن الحارث البرجمي ، وهو في الأصمعيات ص ١٨٤ ، وكتاب سيبويه ١ / ٣٨ ؛ والخزانة ٩ / ٣٢٦.
(٢) البيت لحاتم الطائي ، وهو في ديوانه ص ٥٠ ؛ والعقد الفريد ١ / ١٩٩.
(٣) هذا الخبر ذكره الزجاجي في أماليه ص ٩٢ ؛ والسيوطي في الدر المنثور ٧ / ٩٩ ؛ والقرطبي في تفسيره ١٧ / ١٣. وقراءة أبي بكر هذه شاذة.