وقرأ ابن كثير : «إن هذانّ» بجزم النون ، فيكون ارتفاع : «هذان» على وجهين :
أحدهما ـ أنها خفيفة من الثقيلة ، فضعفت في نفسها فلم تعمل فيما بعدها ، فارتفع ما بعدها على الابتداء والخبر ، ودخل اللام الخبر للفرق بينها وبين «إن» التي هي نافية بمعنى «ما».
والثاني ـ أنّها بمعنى «ما» ، واللام في خبرها بمعنى «إلا». أي : ما هذان إلا ساحران.
كقوله تعالى : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(١) أي : إلا فاسقين.
وقوله تعالى : (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ)(٢).
ـ وأمّا القراءة المعروفة فيقال : إنها جاءت على لغة كنانة وبلحرث وخثعم وزبيد ومراد وبني عذرة وجماعة من قبائل اليمن.
فإنّ في لغاتها أنّ التثنية في الأحوال كلّها بالألف ، ولا يختلف إعرابها.
وأنشد :
٧٣٩ ـ إنّ أباها وأبا أباها |
|
قد بلغا في المجد غايتاها (٣) |
__________________
الثالث : إن الاحتجاج بأنّ العرب ستقيمه بألسنتها غير مستقيم ، لأنّ المصحف يقف عليه العربي والأعجمي ـ ومن أراد التوسع في هذه المسألة فليرجع إلى شذور الذهب. فقد أفاد فيه ابن هشام وأجاد. راجع الشذور ص ٦٢ ـ ٦٥.
(١) سورة الأعراف : آية ١٠٢.
(٢) سورة الأعراف : آية ٦٦.
(٣) البيت قيل لأبي النجم ، وقيل لرؤبة. وهو في مغني اللبيب رقم ٥٣ ؛ وشذور الذهب ص ٦٢ ؛ وتفسير القرطبي ١١ / ٢١٧.