شهدت أبا زرعة ذكر صحيح مسلم فقال : هؤلاء قوم أرادوا التقدّم قبل أوانه فعملوا شيئا يتسوّقون به. وأتاه رجل ـ وأنا شاهد ـ بكتاب مسلم ، فجعل ينظر فيه فإذا حديث عن أسباط بن نصر قال : ما أبعده هذا عن الصحيح ، ثم رأى قطن ابن نسير فقال لي : وهذا أطم من الأول ، قطن بن نسير يصل أحاديث عن ثابت جعلها عن أنس ، ثم نظر فقال : يروي عن أحمد بن عيسى في الصحيح! ما رأيت أهل مصر يشكون في أنه ـ وأشار إلى لسانه ـ. » (١).
وقال بترجمة محمد بن يحيى الذهلي : « قال أبو قريش الحافظ : كنت عند أبي زرعة فجاء مسلم بن الحجاج فسلّم عليه وجلس ساعه ، وتذاكرا ، فلمّا أن قام قلت له : هذا جمع أربعة آلاف حديث في الصحيح ، قال : فلمن ترك الباقي؟ ثم قال : هذا ليس له عقل ، لو داري محمد بن يحيى لصار رجلا » (٢).
ب ـ أبو زرعة والبخاري.
ولم يسكت أبو زرعة عن ممد بن إسماعيل البخاري وكتابه المعروف بـ ( الصحيح ) بل تناوله بالقدح والجرح كذلك ، قال الذهبي : « علي بن عبد الله ابن جعفر بن الحسن الحافظ ، أحد الأعلام الأثبات وحافظ العصر ، ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء فبئس ما صنع ، فقال : جنح إلى ابن أبي داود والجهمية وحديثه مستقيم إن شاء الله ، قال لي عبد الله بن أحمد : كان أبي حدثنا عنه ثم أمسك عن اسمه ، وكان يقول : حدثنا رجل ، ثم ترك حديثه بعد ذلك.
قلت : بل حديثه عنه في مسنده ، وقد تركه إبراهيم الحربي وذلك لميله إلى أحمد بن أبي داود فقد كان محسنا اليه.
وكذا امتنع مسلم عن الرواية عنه في صحيحه لهذا المعنى ، كما امتنع أبو زرعة وأبو حاتم من الرواية عن تلميذه « محمد » لأجل مسألة اللفظ. وقال
__________________
(١) تذهيب التهذيب ، مخطوط. وانظر ميزان الاعتدال ١ / ١٢٥.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٧٠.