« يا رسول الله! أعطني ثلاثا : تزوّج ابنتي أم حبيبة ، وابني معاوية أجعله كاتبا ، وأمّرني أن أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين. فأعطاه النبي صلّى الله عليه وسلّم ما سأله ». والحديث معروف مشهور ، وفي هذا من الوهم ما لا يخفى ، فأم حبيبة تزوّجها النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ وهي بالحبشة ، وأصدقها النجاشي أربعمائة دينار وحضر وخطب وأطعم ، والقصة مشهورة. وأبو سفيان وابنه معاوية إنما أسلما عام الفتح سنة ثمان من الهجرة. وأما إمارة أبي سفيان ، فقد قال الحافظ : إنهم لا يعرفونها : فيجيبون بأجوبة غير طائلة ، فيقولون في نكاح ابنته : اعتقد أن نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بالكفر ، فأراد النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ تجديد النكاح ، فيذكرون عن الزبير بن بكار بأسانيد ضعيفة أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ أمّره في بعض الغزوات ، وهذا لا يعرفه الأثبات.
وقد قال الحافظ : إن مسلما لما وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة فأنكر عليه وتغيّظ وقال : سميته الصحيح وجعلته سلّما لأهل البدع وغيرهم؟! ».
ولأبي الفضل الأدفوي الشافعي تحقيق في هذا الباب ، ذكره في رد كلام لابن الصلاح ننقله بنصه : « ثمّ أقول : إن الأمة تلقّت كل حديث صحيح وحسن بالقبول وعملت به عند عدم المعارض ، وحينئذ لا يختص بالصحيحين ، وقد تلقت الأمّة الكتب الخمسة أو الستة بالقبول وأطلق عليها جماعة اسم « الصحيح » ورجّح بعضهم بعضها على كتاب مسلم وغيره ، قال أبو سليمان أحمد الخطابي : كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في حكم الدين كتاب مثله ، وقد رزق من الناس القبول كافة ، فصار حكما بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم ، وكتاب السنن أحسن وضعا وأكثر فقها من كتب البخاري ومسلم. وقال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي : سمعت الامام أبا الفضل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة يقول ـ وقد جرى بين يديه ذكر أبي