على إشكال في رواية مالك عن ابن شهاب ، فإنه قال فيها : نهى رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الاهلية.
وهذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر ، أن المتعة حرمت يوم خيبر ، وقد رواه أبو عيينة ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله بن محمد ، فقال فيه : إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ نهى عن أكل الحمر الأهلية عام خيبر وعن المتعة ، فمعناه على هذا اللفظ : ونهى عن المتعة بعد ذلك اليوم ، فهو إذا تقديم وتأخير وقع في لفظ ابن شهاب لا لفظ مالك ، لأن مالكا قد وافقه على لفظه جماعة من رواة ابن شهاب » (١).
وقال ابن قيم الجوزية : « فصل ـ ولم تحرم المتعة يوم خيبر ، وإنما كان تحريمهما عام الفتح. هذا هو الصواب ، وقد ظنّ طائفة من أهل العلم أنه حرمها يوم خيبر واحتجوا بما في الصحيحين من حديث علي بن أبي طالب ـ رضياللهعنه ـ ... » (٢).
وقال ابن القيم أيضا : « والصحيح أن المتعة إنما حرّمت عام الفتح ، لأنه قد ثبت في الصحيح أنهم استمتعوا عام الفتح مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بإذنه ، ولو كان التحريم زمن خيبر لزم النسخ مرّتين وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتّة ، ولا يقع مثله فيها. وأيضا : فإن خيبر لم يكن فيها مسلمات وإنما كنّ يهوديات ، وإباحة نساء أهل الكتاب لم يكن بعد ... » (٣).
وقال : « فصل ـ وأما نكاح المتعة فثبت عنه ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أنه أحلّها عام الفتح ، وثبت عنه أنه نهى عنها عام الفتح. واختلف : هل نهى عنها يوم خيبر؟ على قولين ، والصحيح : أن النهي عنها إنما كان عام الفتح ، وأن النهي يوم خيبر إنما كان عن الحمر الأهلية ... » (٤).
__________________
(١) الروض الأنف ٦ / ٥٥٧.
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد ٢ / ١٤٢.
(٣) المصدر نفسه ٢ / ١٨٣.
(٤) زاد المعاد ٤ / ٦.