بل الألطف من هذا : أن رشيد الدين خان يجعل استدلال القاضي ـ رحمهالله ـ على عداوة الجاحظ ومخالفته لإجماع المسلمين بإظهار قوله المذكور في الامامة ، أعجب ممّا ادّعاه العلاّمة الحلّي ـ رحمهالله ـ وكأن الرشيد الدهلوي لا يدري أن مقالة الجاحظ هذه تؤدي إلى إنكار خلافة الامام ـ عليهالسلام ـ حتى في المرتبة الرابعة ، فلو لم يكن هذا المذهب نصبا وعداوة لدى الرشيد الدهلوي فليقل لنا ما هو مصداق العداوة والبغض والانحراف في رأيه ...
هذا ، وأما تشكيك رشيد الدين الدهلوي في صدور هذه المقالة من الجاحظ حيث قال « على تقدير تسليم صدورها من هذا المعتزلي » فيدل على طول باعه في التحقيق وسعة اطلاعه وإحاطته بالمذاهب والنحل ...!!
فإن صدور هذه المقالة من الجاحظ مشهور ، فقد قال الشريف في ردّ كلام قاضي القضاة عبد الجبار المعتزلي القائل بعد كلام له :
« وبعد ، فإن جاز حصول النص على هذه الطريقة ويختص بمعرفته قوم على بعض الوجوه ، ليجوزنّ ادعاء النص على العباس وغيره ، وإن اختص بمعرفته قوم دون قوم ثم انقطع النقل ، لأنه إن جاز انقطاع النقل فيما يعم تكليفه عن بعض دون بعض جاز انقطاعه عن المكلّفين كذلك ، لأن ما أوجب إزاحة العلة في كلّهم يوجب إزاحة العلة في بعضهم ».
قال الشريف رحمهالله في ردّه :
« يقال له : إن المعارضة بما يدعى من النص على العباس ، أبعد عن الصواب من المعارضة بالنص على أبي بكر ، والذي يتبيّن بطلان هذه المقالة ، والفرق بينها وبين ما يذهب اليه الشيعة في النص على أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ وجوه :
منها : أنا لا نسمع بهذه المقالة إلاّ حكاية وما شاهدنا قط ولا شاهد من أخبرنا ممن لقيناه قوما يدينون بها ، والحال في شذوذ أهلها أظهر من الحال في شذوذ البكرية ، وإن كنا لم نلق منهم إلاّ آحادا لا يقوم الحجة بمثلهم ، فقد وجدوا على