« وهذا عجيب من هؤلاء الأئمّة ، كيف باحوا بذلك وطعنوا فيه مع كثرة طرقه واتفاق الشيخين على تصحيحه ، بل وسائر الذين خرّجوا في الصحيح وأخرجه النسائي وابن ماجة » (١).
أقول : وقد صرّح الغزالي في مبحث المفهوم بعد كلام طويل ، بأن هذا الحديث كذب قطعا ، وإليك نصّ ما قال : « وأما الشافعي فلم ير التخصيص باللّقب مفهوما ، ولكنّه قال بمفهوم التخصيص بالصّفة والزّمان والمكان والعدد ، وأمثلته لا تخفى ، وضبط القاضي مذهبه بالتخصيص بالصّفة وادّعى اندراج جميع الأقسام تحته ، إذ الفعل لا يناسب المكان والزمان إلاّ لوقوعه فيه وهو كالصفة له. وتمسّك أصحابنا في نصرة مذهب الشافعي بطريقتين مزيّفتين ... الثانية : قولهم : لا بعد في اقتباس العلم من أمور توافرت الصّور فيها على التطابق ، وان كان نقلة الصّور آحادا انحطّوا عن مبلغ التواتر ، كالقطع بشجاعة علي وسماحة حاتم ، وآحاد وقائعها لم ينقلها إلينا إلاّ آحاد الرجال ، وادّعوا مثل ذلك من الصّحابة في المفهوم ، وعدّوا وقائع ... وقوله ـ عليهالسلام ـ في قوله تعالى : ( إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) ، لأزيدنّ على السبعين.
وهذا مزيّف ... على أنّ ما نقل في آية الاستغفار كذب قطعا ، إذ الغرض منه التناهي في تحقيق اليأس من المغفرة ، فلا يظنّ برسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم الذهول عنه ... » (٢).
الحديث السابع
وهو ما رواه البخاري بعد حديث عن ابن مسعود ، وهذا نصّه :
« حدّثنا محمد بن كثير ، عن سفيان ، قال حدثنا منصور والأعمش ، عن ابن
__________________
(١) إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري ٧ / ١٤٨.
(٢) المنخول في علم الأصول ٢٠٩ ـ ٢١٢.