أخذ من العربية وما يتعلق بها أوفر حظ ونصيب ، وزاد فيها على كلّ أديب ، من التوسع في العبارة بعلوها ما لم يعهد من غيره ، حتى أنسى سحبان وفاق فيه الاقران ، وأعجز الفصحاء اللد وجاوز الوصف والحد ، وكان يذكر دروسا يقع كل واحد منها في أطباق وأوراق ، لا يتلعثم في كلمة ولا يحتاج إلى استدراك عثرة ، يمر فيها كالبرق الخاطف ويصوت كالرعد القاصف ، لا يلحقه المبرزون ولا يدرك شأوه المتشدقون المتفيهقون ، وما يوجد من كثير من العبارات البالغة كنه الفصاحة ، غيض من غيض ما كان على لسانه ، وغرفة من أمواج ما كان يعهد من بيانه.
تفقّه في صباه على والده ركن الإسلام ... ثمّ خلفه من بعد وفاته وأتى على جميع مصنفاته فقلبها ظهرا لبطن وتصرف فيها ، خرّج المسائل بعضها على بعض ، ودرّس سنين ، ولم يرض في شبابه تقليد والده وأصحابه ، حتى أخذ في التحقيق وجدّ واجتهد في المذهب والخلاف ومجالس النظر حتى ظهرت نجابته ، ولاح على أيّامه همة أبيه وفراسته ، وسلك طريق المباحثة وجمع الطرق بالمطالعة والمناظرة ، حتى أربى على المتقدمين وأنسى مصنفات الأوّلين ، وسعى في دين الله سعيا يبقى أثره إلى يوم الدين ... » الى آخر الترجمة الحافلة (١).
__________________
(١) مرآة الجنان ـ حوادث سنة ٤٧٨.
أقول : وممن ألّف في حديث الغدير من أعلام أهل السنة :
١ ـ أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني الكوفي المتوفى سنة ٣٥١ ، عدّه العلامة الأميني من رواة القرن الرابع وقال : ممن ألّف في الحديث ، ثم لم يعده في المؤلفين.
٢ ـ الحافظ العراقي زين الدين عبد الرحيم بن الحسين الشافعي المتوفى سنة ٨٠٦ ، ترجم له ابن فهد المكي في ذيل تذكرة الحفاظ / ٢٣١ ، وذكر هذا الكتاب في مؤلفاته.
٣ ـ أبو بكر محمد بن عمر البغدادي ، المعروف بالجعابي ، المتوفى سنة ٣٥٥ ، والمترجم له في تذكرة الحفاظ وتاريخ بغداد وطبقات الحفاظ / ٣٧٥ ، له كتاب : « من روى حديث غدير خم » عدّه أبو العباس النجّاشي من كتبه في فهرسته ٢٨١.
٤ ـ الحافظ الدار قطني علي بن عمر البغدادي المتوفى سنة ٣٨٥ ، قال الكنجي في كفاية الطالب