الحافظ : فما كان من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر ، صحيح.
وقد روى مسلم في كتابه أيضا ، عن جابر وابن عمر ، في حجة الوداع أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ توجّه إلى مكة يوم النحر ، وطاف طواف الافاضة ثم رجع فصلّى الظهر بمنى ، فيتحنّقون ويقولون : أعادها لبيان الجواز وغير ذلك من التأويلات ، ولهذا قال ابن حزم في هاتين الروايتين : إحداهما كذب بلا شك.
وروى مسلم أيضا حديث الاسراء وفيه : « وذلك قبل أن يوحى إليه » وقد تكلّم الحفّاظ في هذه اللفظة وبيّنوا ضعفها.
وروى مسلم أيضا : « خلق الله التّربة يوم السبت ». واتفق الناس على أنه يوم السبت لم يقع فيه خلق.
وروى مسلم عن أبي سفيان أنه قال للنبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لمّا أسلم : « يا رسول الله! أعطني ثلاثا ، تزوّج ابنتي أم حبيبة ، وابني معاوية اجعله كاتبا وأمّرني أن أقاتل الكفّار كما قاتلت المسلمين ، فأعطاه النبي صلّى الله عليه وسلّم » والحديث معروف مشهور ، وفي هذا من الوهم مما لا يخفى ، فأم حبيبة تزوّجها رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وهي بالحبشة وأصدقها النجاشي عن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أربعمائة دينار ، وحضر وخطب وأطعم ، والقصة مشهورة ، وأبو سفيان إنما أسلم عام الفتح وبين الهجرة والحبشة والفتح عدّة سنين ، ومعاوية كان كاتبا للنبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ من قبل ، وأما إمارة أبي سفيان فقد قال الحافظ :إنهم لا يعرفونها. فيجيبون على سبيل التحنّق بأجوبة غير طائلة ، فيقولون في نكاح ابنته : اعتقد أنّ نكاحها بغير إذنه لا يجوز وهو حديث عهد بكفر ، فأراد من النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ تجديد النكاح ، ويذكرون عن الزبير بن بكار بأسانيد ضعيفة ، أن النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ أمّره في بعض الغزوات ، وهذا لا يعرف.
وما حملهم على هذا كلّه ، إلاّ بعض التعصّب ، وقد قال الحافظ : إنّ مسلما لمّا وضع كتابه الصحيح عرضه على أبي زرعة الرازي ، فأنكر عليه وقال : سميته الصحيح فجعلت سلّما لأهل البدع وغيرهم ، فإذا روى لهم المخالف حديثا