أمثال هذه الأمور المذكورة في مجاميع السنّة ، والجارية على ألسن الأصاغر والأكابر ، من المحالات العادية ... » (١).
ومن القائل بانحصار الأحاديث الصحيحة في الكتابين؟ البخاري ومسلم أم غيرهما؟ ومتى ثبت ذلك؟ وكيف؟ وما الدليل عليه؟ وهل يصحّ القول بأن كان حديث لم يخرجاه فهو ضعيف؟
إنّا لا يسعنا إلاّ أن ننقل بعض النصوص الصريحة في الموضوع :
١ ) قال النووي ـ بعد ذكر إلزام الدارقطني وغيره الشيخين إخراج أحاديث تركا إخراجها ، قائلين : إن جماعة من الصحابة رووا عن رسول الله ، ورويت أحاديثهم من وجوه صحاح لا مطعن في ناقليها ، ولم يخرجا من أحاديثهم شيئا فيلزمهما إخراجها ـ :
« وصنّف الدارقطني وأبو ذر الهروي في هذا النوع الذي ألزموهما ، وهذا الإلزام ليس بلازم في الحقيقة ، فإنهما لم يلتزما استيعاب الصحيح ، بل صحّ عنهما تصريحهما بانّهما لم يستوعباه ، وإنما قصدا جمع جمل من الصحيح كما يقصد [ المصنف ] في الفقه جمع جملة من مسائله » (٢).
٢ ) قال القاضي الكتاني : « لم يستوعبا كلّ الصحيح في كتابيهما ، وإلزام الدّارقطني وغيره لهما أحاديث على شرطيهما لم يخرجاها ، ليس بلازم في الحقيقة ، لأنّهما لم يلتزما استيعاب الصحيح بل جملة منه أو ما يسدّ مسده من غيره منه.
قال البخاري : ما أدخلت في كتاب الجامع إلاّ ما صحّ وتركت من الصحاح لحال الطول.
وقال مسلم : ليس كلّ شيء عندي صحيح وضعته هاهنا ، وإنّما وضعت ما
__________________
(١) منتهى الكلام / ٩٣ ـ ٩٤.
(٢) المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ١ / ٣٧.