( تحفته ) ما هذا تعريبه : « فإن أنكر الزجاج جرّ ( جوار ) مع وجود العاطف فلا يعبأ بإنكاره ، لأن أئمة علماء العربية ومهرة الفنّ يجوّزونه ، ولأنّه واقع في القرآن الكريم وكلام البلغاء من العرب.
فشهادة الزّجاج سببها قصور التتبّع ، وهي شهادة على النّفي ، والشهادة على النفي غير مقبولة ».
فإذا كان إنكار أحد العلماء ـ مهما كان جليلا وإماما في العلم ـ لا يقاوم إثبات المحققين ، فإن الإعراض المحض عن ذكر حديث وعدم إخراجه لا يكون قادحا في ثبوته وصحّته قطعا.
إن عدم النقل لا يدل على العدم ، لا سيّما إذا كان العلم بالأمر ضروريا بين الناس كافة.
ويشهد بما ذكرنا قول الفاضل حيدر علي الفيض آبادي في كلام له : « وقد ورد في الأحاديث الصحيحة أن الفاروق ونظرائه ناظروا الصّديق الأكبر حول عزمه الواقع بالإلهام الالهي على قتال مانعي الزكاة ، فقالوا : إنّ مفاد الحديث النبوي ومقتضاه هو : أن من قال لا إله إلاّ الله فقد حقن دمه وماله ، وأنت تريد قتال هؤلاء؟ فقال أبو بكر : هلاّ حفظتم ذيل الحديث إذ قال : إلاّ أن يكون القتال من أجل الكلمة؟ والزكاة من أركانها ، والله لو فرق أحد بين الصلاة والزكاة لقاتلته. فقبل الأصحاب منه ذلك وهبّوا للقتال طائعين.
فلو فرضنا أنهم نصبوا قائدا لهم وأرسلوا ـ وغرضهم من ذلك ردع المرتدين ـ ثم لم يتذاكروا معهم على ذلك ، وكفّوا عن القتال عند الأذان ـ عملا بالسّنة ـ فإن ذلك لا يدل على أن أحدا من المرتدين لم ينكر أداء الزكاة ، بشيء من الدلالات الثلاث ، فإنّ عدم الذكر ليس دليل العدم ، ولا سيّما عدم ذكر ما ثبت من قبل مكررا وكان حصول العلم به عند الناس ضروريا ، بل إنّ اختفاء واستتار