بسبّه على رءوس المنابر ، والشيطان يسبّح الله ويقدّسه بل يزعم في دعوى إخلاصه أن سجدة آدم عليهالسلام شرك مع الله ، وصار لمخالفته الأمر بها عدوا لله ملعونا مطرودا ، وبهذا يعلم بطلان استدلاله المذكور على المحبة ، ويفهم أنه لم يذق طعم المحبة.
وبالجملة ، قد علم أن الجاحظ ـ وهو أبو عثمان عمرو بن بحر ـ كان عثمانيا مروانيا ، ومع هذا قد اعترف بفضل بني هاشم وأهل بيت النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وتقديمهم ، وفضل علي ـ عليهالسلام ـ وتقديمه في بعض رسائله ، فإن كان هذا مذهبه فذاك ، وإلاّ فقد أنطقه الله تعالى بالحق وأجرى لسانه بالصدق ، وقال ما يكون حجة عليه في الدنيا والآخرة ، ونطق بما لو اعتقد غيره لكان خصيمه في محشره فإن الله تعالى عند لسان كلّ قائل ، فلينظر قائل ما يقول وأصعب الأمور وأشقها أن يذكر الإنسان شيئا يستحق به الجنة ، ثم يكون ذلك موجبا لدخول النار ، نعوذ بالله من ذلك ».
فظهر ان القاضي التستري ـ رحمهالله ـ قد ذكر تأليف الجاحظ رسالة فضائل علي وأهل البيت ـ عليهمالسلام ـ ، وأنه لم يحمل ذلك على محمل مستغرب ، فقول رشيد الدين الدهلوي : « مع عدم ذكر تأليفه كتابا في مناقبه ، وحمل ذلك على محمل يستغفر به الأذكياء بل الأغنياء » كذب صريح.
وأما ظهور كذب هذا الرجل من كلام نفسه ، فلأنه يقول : « وحمل ذلك على محمل يستغربه الأذكياء بل الأغنياء » لأنّ هذا الكلام يتضمن عدم إنكار السيد تصنيف الجاحظ تلك الرسالة.
هذا ، وأما دعوى أنه « يستغربه الأذكياء بل الأغنياء » فطريفة جدا. فلقد ثبت بالقطع واليقين لدى ( الدهلوي ) نصب الجاحظ وعداوته وثبت عنده أن الجاحظ صنّف رسالة في الطعن في خصائص مولانا علي ـ عليهالسلام ـ ، فلا بدّ أن يكون ( الدهلوي ) يحمل رسالة الجاحظ ـ المذكورة ـ على ذلك المعنى أيضا ، فيكون حينئذ خارجا من عداد الأذكياء بل الأغنياء في رأي تلميذه الرشيد ...