مع أن كلتيهما كانتا جاريتين على عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فنسخ حكم الله تعالى وحرّم ما أحله. وقد ثبت هذا باعترافه كما في كتب أهل السنة ، إذ يروون عنه أنه قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ وأنا أنهى عنهما.
والجواب : إن أصحّ الكتب عند أهل السنة هو : صحيح مسلم ، وقد أخرج فيه عن سلمة بن الأكوع وسبرة بن معبد الجهني ، وأخرج في غيره من الصحاح عن أبي هريرة : إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ حرّم المتعة بعد أن رخّصها ثلاثة أيام في حرب الأوطاس تحريما مؤبّدا إلى يوم القيامة. ورواية الأمير في ذلك مشهورة متواترة بحيث رواها عنه أحفاده ، وهي ثابتة في الموطأ وصحيح مسلم وغيرهما من الكتب المعروفة بطرق متعددة.
وأما شبهة بعض الشيعة بأن التحريم وقع في غزوة خيبر وأحلّت في غزوة الأوطاس مرة أخرى فيردّها : أنها ناشئة من الخلط وسوء الفهم ، فإنّ الذي في رواية علي في غزوة خيبر هو تحريم الحمر الانسية لا تحريم المتعة ، لكن العبارة توهم كون غزوة خيبر تاريخ تحريمهما جميعا. وقد حقق هذا الوهم بعضهم فنقلوا ـ بناء على ذلك ـ أنه نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، ولو كان الأمير يحدّث تحريم المتعة مؤرخا بغزوة خيبر ، فكيف يمكنه الرد والإلزام في كلامه مع ابن عباس ، مع أنه ذكر هذه الرواية ، حين ردّ عليه وألزمه ، وزجر ابن عباس عن تجويزه المتعة زجرا شديدا ، وقال له : إنك رجل تائه.
فمن قال : إن غزوة خيبر ظرف لتحريم المتعة ، فكأنه قد ادعى وقوع الغلط في استدلال الأمير ، وتكفي دعواه هذه شاهدا على جهله وحمقه » (١).
أقول : وحاصل هذا الكلام بطلان الأحاديث الواردة في أنه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نهى عن المتعة يوم خيبر. ويدل أيضا على جهل البخاري ومسلم
__________________
(١) التحفة الاثنا عشرية : ٣٠٢.