فالإخبار عن رفعه إذا إمّا إخبار عن رفع حكمه أو عن رفع المؤاخذة من قبله على مخالفة الحكم امتنانا.
ولعلّ الأقرب هو رفع الإلزام بالحكم لا أصل الحكم ، ولا المؤاخذة ، وإن كان رفع المؤاخذة من لوازم رفع الإلزام ؛ إذ لا معنى لأن يعاقب الشارع على مخالفة الحكم مع ترخيصه بذلك.
والذي يقرّب ذلك أنّ المستفاد من أمثال هذه القواعد ـ بحكم كونها امتنانية ـ هو جعل الرخصة من قبل الشارع في مخالفة حكمه ، لا نفي أصل الحكم ؛ لوضوح أن مفسدة الحرام لا يزيلها الاضطرار إلى ارتكاب متعلّقها وإن رخّص به لدفع مفسدة أعظم. (١)
فمفاد أمثال هذه الأدلّة هو الترخيص بارتكاب المحظور ، لا نفي ملاكه ، ولا ينافي ذلك الإلزام بارتكابه أحيانا ، كما إذا اضطر إلى شرب الخمر مثلا لدفع خطر الموت عنه ، فإنّه يكون واجبا أي ملزما بفعله ، ولكن هذا الإلزام بالفعل لا ينافي بقاء ملاك التحريم ؛ فإنّ هذا الوجوب إنّما استفيد من دليل آخر لا من أدلّة الاضطرار ، فإنّ هذه الأدلّة كما يقتضيه التعبير في بعضها «إلّا وأحلّه» (٢) لا تقتضي أكثر من الترخيص.
ومن هنا يتضح أنّ القاعدة التي تتكفّل شئون ارتكاب الحرام هي لا ترخّص إلّا في حالات الضرورة ، فمجرّد الضرر وحده لا يرخّص في ارتكاب الحرام إذا لم يبلغ الاضطرار.
__________________
١ ـ ذكر الشيخ الطوسي بأنّه «إذا اضطرّ إلى شرب الخمر للعطش أو الجوع أو التداوي فالظاهر أنّه لا يستبيحها أصلا ، وقد روي أنّه يجوز عند الاضطرار إلى الشرب أن يشرب ، فأمّا الأكل والتداوي فلا ، وبهذا التفصيل قال أصحاب الشافعي». الخلاف ٦ : ٩٧ كتاب الأطعمة ، مسألة رقم (٢٧).
٢ ـ الوارد في الروايات قوله : «إلّا وقد أحلّه». وسائل الشيعة ٥ : ٤٨٢ ـ ٤٨٣ أبواب القيام ، باب (١) وجوبه في الفريضة مع القدرة ح ٦ و ٧.