ثالثا : القاعدة وشمولها للمحرّمات
وإذا صحّ ما انتهينا إليه في مدلول القاعدة من أنّها رخصة لا عزيمة ، أي أنّ مدلولها لا يرفع أكثر من اللّزوم في الأحكام الوضعيّة ، والإلزام في الأحكام التكليفيّة ، وجب التساؤل عن مدى شمول هذه القاعدة للأحكام التكليفية الملزمة.
وهل تتناول المحرّمات ؛ فترخّص بارتكابها إذا استلزم امتثالها ضررا ، أو تختصّ بالواجبات؟
والذي يبدو من لسان القاعدة أنّ فيها إطلاقا يشمل المحرّمات والواجبات ؛ إذ لا يوجد فيه ما يمنع هذا الشمول. (١)
رأي ومناقشة
وقد استبعد بعض أساتذتنا (٢) في مجلس المذاكرة شمولها للمحرّمات ؛ بدعوى أنّ فتح هذا الباب ينهينا إلى فوضى لا نهاية لها ، وربّما ولّد ذريعة للمتسامحين من الناس في أن يرتكبوا المحرّمات كالزنا والقمار وشرب الخمر مثلا ، بدعوى أنّ تركها يولّد لهم أضرارا ، وهذا يولّد خطرا على الإسلام ؛ لإشاعة الفحشاء بين أبنائه بهذه الذريعة.
وهذا في الواقع نوع من الخطابة لا مسرح له في المجالات العلمية ؛ لأنّ المفروض في الأحكام أن تلحظ فيها المصالح والمفاسد الواقعية ، وتشرّع على هذا
__________________
١ ـ انظر : مستند الشيعة ١٥ : ٣٢.
٢ ـ لم نعثر على شيء من ذلك في حدود ما اطّلعنا عليه من كتب أساتذة المصنّف ، لكن يوجد ما يشبهه في كلام البجنوردي في قاعدة «نفي العسر والحرج» والكلام في شمولها للمحرّمات. راجع : القواعد الفقهية ١ : ٢٦٤ ـ ٢٦٦.