الحديث عنها في قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ، والأمر هنا مشابه للأمر هناك. (١)
دلالة القاعدة
الظاهر أنّ دلالتها في الكتاب العزيز هي نفس الدلالة اللغوية ، أعني الضيق الشديد ، وكذا في السنّة النبوية وسنّة أهل البيت عليهمالسلام وسنّة الصحابة ؛ إذ لم يثبت نقلها عن معناها اللّغوي إلى معان أخر.
ويعضد ذلك تبادر هذا المعنى في جميع مجالاتها في الكتاب العزيز والسنّة النبوية وسنّة أهل البيت عليهمالسلام وسنّة الصحابة.
ومن هنا يصحّ لنا أن نتساءل : أنّ المرفوع في لسان القاعدة هل هو الموضوع الحرجي أو الحكم الحرجي؟
والجواب على ذلك : أنّ لسان الآية يناسب أن يكون المرفوع هو الحكم الحرجي (٢) ، أو قل : التكليف الحرجي ؛ لأنّ (جعل) الواردة في لسان القاعدة (٣) تقتضي ذلك ؛ لوضوح أنّ ما يدخل في صلاحياته ووظيفته كمشرّع هي الأمور الاعتبارية المتعلّقة بأفعال المكلّفين ، فهو الذي يتصوّر فيه أن يجعل أو لا يجعل. فالآية بلسانها ترفع مثل ذلك الحكم ، أو ـ على الأصحّ ـ تكشف عن كونه غير مجعول ابتداء ، لا أنّه جعل نم رفع ، نعم المجعول هو طبيعي الحكم ، فإذا طرأ منه وتسبّب عنه حرج بالنسبة لمكلّف ما ، كان ذلك الحكم في حقّ ذلك المكلّف غير مجعول ، ولا مشغولة به ذمّته لفرض الحرجية ؛ لأنّ الأحكام الحرجية غير مجعولة من الشارع.
ونعود فنؤكّد أنّ ما يرفع ، أو ما لم يجعل هو الحكم الذي يتسبّب عنه ضيق شديد لا مطلق الضيق ، وإلّا فطبيعة التكليف ـ أي تكليف ـ فيه حدّ لحرية المكلّف ، وتقييد
__________________
١ ـ راجع ص ٧٤ من الكتاب.
٢ ـ القواعد الفقهية للبجنوردي ١ : ٢٥٧.
٣ ـ المراد بالقاعدة : الآية.